إلى أُمي.. ثلاث قصائد من الشعر الزنجي

إلى أُمي.. ثلاث قصائد من الشعر الزنجي


يتّسم الشعر الزِّنجي – أينما كان – بقسط وافر من الغموض والإبهام.. ومضامير الآداب عند الزِّنجيقيين تختلط متشابكة فيما بينها؛ فيصعب على الشعر أن ينفصل عن النثر، فهُما يتناوبان في القصيدة نفسها.. وغالباً ما ينتعش النثر بنفحة شعريّة أصيلة.وقد يتحتّم على القارئ الكريم ألاّ يقيم موازنة حقيقية ما بين عالم الشعر العربي وعالم الأدباء الزنجيقيين، فثمّة عالَمانِ متباينانِ قد تتعذّر المقارنة بينهما..

(إلى أمّي)[1]للشاعر الإفريقي (داود ديو – 1960م)

حين تنبجسُ حولي الذكرياتُ
ذكريات محطاتِ ترحالٍ ملهوفٍ
على شفا الهوّةِ لبحارٍ من جليدٍ
تغرقُ غلاّت الحصادِ فيها وتغور.
وحين تعود الأيامُ التائهة التي تتقطّع قدداً
هناك خلفَ مغاليقِ النوافذِ الموصدةِ
ارستقراطيةً تغدو الكلماتُ 
كيما تعانقَ الفراغَ ..
آنئذٍ يا أمّي ببالي تخطرينَ
بأجفانكِ أحرقَتْها السنواتُ 
وبابتسامتكِ على لياليَّ
يا أمّي أنا ..
يا أم الزنجي أفقَدوه البصر
وتزفُّ إليه الأزاهيرُ هدية!
 أنصتي إلى صوتكِ..
أنصتي فصوتك صراخٌ تَجُوزه الضراوة
وما صوتك إلا نشيدٌ 
رائدهُ الحب والمحبَة

 *   *   * 

(إلى أمّي)
للشاعر الغيني (كمارالاي – ت 1980م)

أيتها المرأةُ السوداء
أيتها المرأةُ الإفريقية
أنت يا أمي تخطرينَ ببالي 
إيه يا (دامن) يا أمي 
أنتِ يا مَن شِلتني على ظهرِك
أنت يا مَن أرشدْتِ أُولى خطواتي
أنتِ يا أوّلَ من أشرعَ ناظريَّ على البسيطة وأعاجيبِها
أنتِ يا أمّي تخطرينَ ببالي
أنتِ يا (دامن) يا أمي..أنتِ يا من كنتِ تُكفكِفينَ عَبَراتي 
وتُبهجين فؤادي
أنتِ يا من كنتِ تتجلّدين إزاء نزواتي
كم لايزالُ بودّي أن ألبثَ بقربك 
وأن أعودَ طفلاً إلى جانبكِ
أيّتها المرأة الوادعةُ البسيطة
يا امرأة الاستسلام والخضوع!
أنتِ يا أمّي تخطرينَ ببالي
إيهِ يا (دامن) يا أمّي
إليك ترنو خواطري ولا تنِي
وخواطركِ في كلّ خطوةٍ تلازمني
أنتِ يا (دامن) أمي
شكراً شكراً لكِ
على كلِّ ما أسديتِ إلي
أنا ابنُكِ البعيدُ عنكِ بُعداً قصيًّا
والقريبُ منكِ قُرباً دنيًّا!

 

*   *   *
 

(إلى أمّي)
للشاعر الكونغولي (ديودونيه كاديما نْزويي – ت 1968م)

“ييليليه”
، يا شجرةَ الباؤوباب[2]
.. لتدوّينَّ قصيدتي
أنشودةَ الآبارِ العتيقة
في الغابة السوداءِ..
“ييليليه”، يا شجرة الباؤوباب
أيتها المرأةُ السوداء،
أنتِ يا أمّي،
إنما أنتِ من أدعوكِ: باؤوب تزخر بالحياة أغصانُها
باؤوب.. يتبسّم مستقبلُها للقلوب
باؤوب.. لم يشغفْ بها أحدٌ أشدَّ من شغفي أنا بها
آه..
 كيف لي أنْ أطارحكِ الحديثَ
حديثَ الزهْو والفَخَار
بهذه اللغةِ المتناسقة[3]
وأنتِ تجهلينَ كلماتِها؟
إيهِ.. أيّتها الإفريقية
بمعْزلٍ عنكِ يا أمّي
لنْ أكونَ شيئاً.. بل فراغاً سأكونُ
فهأنَذا أُسديْ الشكرَ إليكِ
على كلّ خيرٍ حبَوْتِنيهِ، وقبلَ أنْ تواريَكِ المنيّةُ
في أغوارِ صمْتها القصيّة
أقبّلُ غصونَ هامَتكِ[4].

[1]من المجموعة الشعرية (ضربات مِدَقّ).[2]الباؤوباب: شجرة الحُميرة الاستوائية، وهي عريضة الجذع، وفي ثمرها لبّ يؤكل. وترمز الباؤوباب – هنا – إلى العطاء والتضحية.[3](اللغة الفرنسية).[4]المصدر: قصائد زنجية إفريقية: الزنوجية/ ترجمة موريس جلال – دمشق: وزارة الثقافة، 1999. (بتصرّف)

نُشر بواسطة Pan Africa Sudan

PAN-AFRICANISM ألبان -افريكانيزم او حركة عموم أفريقيا هي حركة عالمية تهدف إلى تشجيع وتعزيز روابط التضامن بين جميع المجموعات العرقية الأصلية والشتات من أصل أفريقي. بناءً على هدف مشترك يعود إلى تجارة الرقيق في المحيط الأطلسي ، تمتد الحركة إلى ما وراء القارة الأفريقية مع وجود قاعدة دعم كبيرة بين الشتات الأفريقي في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا. وهي تستند إلى الاعتقاد بأن الوحدة أمر حيوي للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتهدف إلى "توحيد ورفع مستوى" المنحدرين من أصل أفريقي. تؤكد الأيديولوجية أن مصير جميع الشعوب والبلدان الأفريقية [التوضيح المطلوب] متشابك. في جوهرها ، هناك اعتقاد بأن "الشعب الأفريقي ، سواء في القارة أو في الشتات ، لا يشترك فقط في تاريخ مشترك ، ولكن مصيرًا مشتركًا." تميل الحركات الفكرية والثقافية والسياسية لعموم إفريقيا. رؤية جميع الأفارقة وأحفاد الأفارقة على أنهم ينتمون إلى "عرق" واحد ويتقاسمون الوحدة الثقافية ، تطرح الوحدة الأفريقية شعوراً بمصير تاريخي مشترك للأفارقة في الأمريكتين ، وجزر الهند الغربية ، وفي القارة نفسها ، تركزت على التجارة الأطلسية في السلاف والعبودية الأفريقية والإمبريالية الأوروبية. تأسست منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي الآن) في عام 1963 للولايات المتحدة الافريقية ولتعزيز العلاقات العالمية في إطار الأمم المتحدة. يقع مقر مفوضية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا وبرلمان عموم أفريقيا في جوهانسبرغ وميدراند.

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ