مميزة

PAN-AFRICANISM

ألبان -افريكانيزم او حركة عموم أفريقيا هي حركة عالمية تهدف إلى تشجيع وتعزيز روابط التضامن بين جميع المجموعات العرقية الأصلية والشتات من أصل أفريقي. بناءً على هدف مشترك يعود إلى تجارة الرقيق في المحيط الأطلسي ، تمتد الحركة إلى ما وراء القارة الأفريقية مع وجود قاعدة دعم كبيرة بين الشتات الأفريقي في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا. وهي تستند إلى الاعتقاد بأن الوحدة أمر حيوي للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتهدف إلى “توحيد ورفع مستوى” المنحدرين من أصل أفريقي. تؤكد الأيديولوجية أن مصير جميع الشعوب والبلدان الأفريقية [التوضيح المطلوب] متشابك. في جوهرها ، هناك اعتقاد بأن “الشعب الأفريقي ، سواء في القارة أو في الشتات ، لا يشترك فقط في تاريخ مشترك ، ولكن مصيرًا مشتركًا.” تميل الحركات الفكرية والثقافية والسياسية لعموم إفريقيا. رؤية جميع الأفارقة وأحفاد الأفارقة على أنهم ينتمون إلى “عرق” واحد ويتقاسمون الوحدة الثقافية ، تطرح الوحدة الأفريقية شعوراً بمصير تاريخي مشترك للأفارقة في الأمريكتين ، وجزر الهند الغربية ، وفي القارة نفسها ، تركزت على التجارة الأطلسية في السلاف والعبودية الأفريقية والإمبريالية الأوروبية.

تأسست منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي الآن) في عام 1963 للولايات المتحدة الافريقية ولتعزيز العلاقات العالمية في إطار الأمم المتحدة. يقع مقر مفوضية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا وبرلمان عموم أفريقيا في جوهانسبرغ وميدراند.

African freedom organisation

— Admin.

This is the first post on my new blog. I’m just getting this new blog going, so stay tuned for more. Subscribe below to get notified when I post new updates.

الوحدة الأفريقية على أساس الفلسفة والفن والجمال “19- 3-3”

الوحدة الأفريقية على أساس الفلسفة والفن والجمال “19- 3-3”

https://alsadigmusa.wordpress.com/2021/04/25/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84-2/
— Read on alsadigmusa.wordpress.com/2021/04/25/الوحدة-الأفريقية-على-أساس-الفلسفة-وال-2/

حول مسألة التعريب في السودان د/ابكر ادم اسماعيل

أبّكر آدم إسماعيل ….

حول مسألة التعريب في السودان
About Arabization in Sudan
April 1992
1 ـ مقدمة

1 ـ 1 ـ الخلفية التاريخية والتشكل الأيدلوجي :

إن قضية التعريب، في بلد كالسودان لا يمكن مناقشتها بعلمية إلا داخل سياقها الموضوعي وهو عملية الصراع الثقافي في السودان وتجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقة ذلك كله بالإطار العالمي العام.

لقد دخلت الثقافة العربية الإسلامية إلي السودان، وظلت تكتسب لها مواقع فيه ضمن ثقافات أخرى خلال قرون عديدة، وهي في ذلك مسنودة بخلفيتها الإمبراطورية من الناحية المادية، ومن الناحية المعنوية بما يعرف بالمد (الحضاري) العربي الإسلامي، الذي من أهدافه بالطبع إعادة إنتاج الآخر داخل السياق الحضاري العربي الإسلامي. هذا النهج الإستتباعي قد يبدو عادياً أيام (المد الحضاري)، ولكنه تحول إلي إشكالية في السودان لأسباب كثيرة منها:

أ/ أيديولوجيا الأصالة : حيث أدى تفكك وانهيار الحضارة العربية الإسلامية إلي ظهور أيديولوجيات الأصالة، إذ تم خلق زمن قياسي مقدس للثقافة العربية الإسلامية، حيزه الجاهلية وبواكير الإسلام ويمتد عند البعض إلي أيام الدولة العباسية، تعيد الثقافة العربية الإسلامية إنتاج نفسها داخله، وبالتالي أصبحت عملية الإستتباع ليس فقط لواقع حضاري مشكوك في تحضره فحسب، و إنما الإستتباع للماضي أيضاً.

ب/ عقدة أنصار الثقافة العربية الإسلامية في السودان: هي عقدة النقص[1] تجاه الثقافة العربية الأصل. ذلك لأن أنصار الثقافة العربية الإسلامية في السودان قد ظلوا يتعرضون للتشكيك في عروبتهم، أو علي الأقل يعتبرون عرباً من الدرجة الثالثة، حيث العرب الأصلاء في الجزيرة العربية والشام، والعرب من الدرجة الثانية في مصر والمغرب العربي، والبقية في السودان وموريتانيا والصومال كأتباع للعرب أو عرباً من الدرجة الثالثة فما بعد.

كان النهج الإستتباعي في بواكير أيام الثقافة العربية الإسلامية في السودان ناعماً Benign لأنه لا يمتلك أدوات التنفيذ – سلطة الدولة تحديداً – ولكنه بدأ يتشدد في أيام ما عرف بالدويلات أو الممالك أو السلطنات (الإسلامية) في أواسط وشمال السودان، وبدأ الصراع الثقافي يأخذ طابعاً جدلياً في شكل مركز وهامش، مركز يمثله ثقافياً واجتماعياً المتبوع = العرب في مقابل هامش يمثله ثقافياً واجتماعيا التابع = السكان الأصليين. هنا برزت إشكالية المركزية المركبة للثقافة العربية الإسلامية في السودان، حيث الواقع الراهن في الوقت المعين للثقافة العربية الإسلامية هو المعيار الذي يعاد علي أساسه إنتاج الثقافات والكيانات الاجتماعية الأخرى داخله إستتباعاً والناتج يعاد إنتاجه مرةً أخرى داخل (الأصل) = المركز المقدس أي الزمن القياسي للثقافة العربية الإسلامية. والنتيجة هي السير إلي الوراء، وعدم الاعتراف بمحصول الواقع الأمر الذي دعانا لوصف الثقافة العربية الإسلامية بالتشدد المركزي في كتابات أخرى[2].
كان ذلك محدود بحدود تلك الدويلات كل علي حده. ولكن بعد تأسيس الدولة الحديثة في السودان مع الحكم التركي المصري عام 1821م، تم تعميم النموذج علي بقية أنحاء السودان. ولأن الدولة الحديثة تمتلك أدوات تنفيذ عالية الكفاءة، فقد برز النهج الإستتباعي للثقافة العربية الإسلامية بشكله السافر. وللظروف التاريخية التي صاحبت تكوين الدولة الحديثة في السودان، فقد صاحب تلك الظروف تكوين قومية عربية في السودان من شتات القبائل العربية والمستعربين، احتلت نخبتها المواقع المتقدمة في كافة المستويات داخل الدولة الحديثة لتشكل المركز الثقافي والاجتماعي المتبوع في مقابل الهامش الثقافي الاجتماعي المستتبع من الكيانات الأخرى في السودان، وورثت الحكم بعد الاستقلال [لتكمل الناقصة] = ما كان يمنعها الاستعمار من فعله وما ينافسها فيه. وبدأت مباشرة في عملية فرض هويتها علي جميع أهل السودان مضاعفةً بعقدة نقصها تجاه العروبة وقد تم خلق خطاب رسمي يعبر عن أيديولوجيا القومية العربية في السودان مؤمّناً لمصالحها المادية وسنداً لسيادتها المعنوية وقمعاً للكيانات الأخرى المستتبعة والمهمشة. هذا الخطاب الرسمي يقوم علي جدلية الاختزال/التعميم، حيث يعبر عن نفسه من خلال إكليشيهات[3] تعبر في الواقع عن مصالح ورغبات وأحلام وتوجهات القومية العربية في السودان وتصور المسألة وكأنها مصالح ورغبات وأحلام (الشعب السوداني) المتعدد الثقافات والأديان والقوميات، فيتم اختزال هذا الشعب في القومية العربية، وتعميم ما هو عربي علي بقية ألوان الطيف الأخرى في مجافاة صريحة للواقع.

لقد مارس هذا الخطاب وظيفته في مجال التعليم، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية وسيلةً لفرض الهيمنة الثقافية وأيدلوجيا القومية العربية، حيث المحصلة النهائية للتعليم في السودان هي محو وأحياناً إدانة كل ما هو غير عربي وفي أقل الحالات سوءً تهميشه. وفي المقابل جعل كل ما هو عربي مثلاً أعلى. وفي سياق نفس الممارسات تم فرض اللغة العربية لتدريس المناهج ما قبل الجامعية، وجعل النجاح فيها شرطاً لمنح الشهادة، وبالتالي الدخول إلي الجامعة أو التوظف، مما قلل من فرص أبناء الهامش = السودانيين غير العرب وزاد من فرص أبناء القومية العربية، والمسألة الآن واضحة للعيان فزيارة واحدة إلي أي جامعة وخاصة الكليات المفضلة مثل الطب والهندسة تكفي ويمكن الرجوع إلي سجلات امتحانات السودان للمقارنة والتأكد.

1-2-تعريب المناهج الدراسية الجامعية

بعد إنجاز الخطوة الأولى، ومواصلة للتوجهات المذكورة سابقا‌ً، بدأت تثار أحاديث كثيرة حول مسألة تعريب المناهج الدراسية الجامعية. والملاحظ هو أن أغلب الذين تناولوا هذا الموضوع كانوا من أنصار التعريب، ومن فصيلة [لا شك في كذا ولا شك في كذا]، وفي تناغم تام وتكرار للمبررات التي تساق مع الغياب الكامل للآراء المعارضة لدعوة التعريب بشكل يدعو للإسترابة. ولكن السبب في تقديرنا، هو أن الذين يملكون زمام أجهزة الإعلام في السودان هم أنصار دعوة التعريب وتكنوقراط الأيدلوجيا الرسمية، مما أدى إلي بروز الخطاب المؤيد = الخطاب الرسمي، وغياب الخطاب الآخر المعارض.

أمامنا الآن ثلاث أطروحات حول هذا الموضوع وهي :

أ/ قضية التعريب في الجامعات السودانية للدكتور خالد المبارك[4] .

ب/ اللغة العربية وإشكالات التحديث للدكتور يوسف الياس[5] .

ج/ مشكلات تعريب العلوم الطبية للدكتور حسين أبوصالح[6].

ملاحظات عامة حول هذه الأطروحات :
· دراسة د. يوسف الياس اتخذت منحىً يبدو حيادياً، وإذا ما انحصر توجهها في قضية الترجمة وضروراتها دون أن تتعداها إلي مسألة التعريب، فأنها بذلك لا تجد منا إلا القبول. مع الانتباه لكونها موضوعة في سياق الخطاب الرسمي الداعي للتعريب كجزء من أساليب المكر الأيديولوجي. وهذا هو السبب الذي دعانا لتناولها بهذا الشكل العرضي.

يقول د.الياس ، ((…اقتصر الجدل في ميدان التعريب علي (ماذا نعرب ؟ وكيف نعرب ) ولم يشمل السؤال الأساسي لمن نعرب وهو سؤال جوهري ))[7] ونحن نثبت السؤال الأكثر جوهرية لماذا نعرب ؟ ونعتبره السؤال الأهم لأننا نختلف مع دعاة التعريب في السودان من حيث المبدأ. وبذلك تصبح الأسئلة من شاكلة ماذا ؟ وكيف؟ ومن ؟ أسئلة ثانوية.

· هناك بعض المسلمات التي ينطلق منها د. أبوصالح ود.خالد المبارك وبالرغم من أنهما لم يصرحا بها إلا أن القارئ يجدها تجوس داخل أطروحاتهما وتنبني عليها فرضياتهما وتحليلاتهما بالرغم من أنها محل شك واختلاف، وهي:

أ‌- أن السودانيين عرب.

ب- أن اللغة العربية المراد سيادتها هي لغة الأم Mother Tongue بالنسبة للسودانيين.

في البدء، وتفكيكاً لبنية الخطاب الرسمي نقول، أن إضفاء الألقاب علي الأفعال والأشياء لا يغير من حقيقتها شيئاً. فإذا سمي السودان دولة عربية، ونُعت السودانيون بأنهم عرب والعربية لغتهم، فهذا لا ينهض كحقيقة واقعية وعلمية لمجرد هذه الألقاب والنعوت. والسودانيون هم هؤلاء القاطنون علي امتداد المليون ميل مربع ولنحل المسألة إلي الخريطة الإثنية اللغوية في السودان التي تفيدنا بأن أغلب أهله لهم لغاتهم الخاصة التي تسمي استخفافاً [الرطانات] فعلي سبيل المثال نجد النوبيين في الشمال والبجا في الشرق والفونج والبرتا في جنوب النيل الأزرق، والنوبه في كردفان والفور والزغاوة والمساليت في غرب السودان والدينكا والنوير والشلك في جنوبه، وعدداً كبيراً من مجموعات الفلاته المتوزعين ككتل اجتماعية ثقافية في أنحاء السودان. هذه الأغلبية الساحقة من الناس في السودان لهم لغاتهم الأم الخاصة بهم مع وجود قدر متفاوت من العربية العامية كلغة تخاطب مشتركة Lingua Franca. أما القبائل العربية والمستعربة في وسط وشمال السودان وقبائل البقارة في غربه، فهي تتحدث العامية باختلاف ظاهر من منطقة لأخرى ومن قبيلة لأخرى.

خلاصة ذلك أن اللغة العربية الرسمية التي يتم الحديث عنها وتقوم دعوات التعريب لأجلها، هي بمعيار الـMother Tongue لغة أخرى يتعلمها غالبية الناس في المدارس، فيجيدها من يجيدها وتستعصي علي من تستعصي مع ملاحظة سهولة تعلمها بالنسبة لأبناء القبائل العربية، في مقابل صعوبتها علي غيرهم.

2 ـ المنهـج
هناك سؤال هو:- لماذا لا ندرس أبناء الدينكا بلغة الدينكا و أبناء النوبيين بالغة النوبية؟ وبناء علي المنهج الذي تقوم عليه الإجابة يجب أن نناقش مسألة التعريب.

الإجابة علي هذا السؤال تفضي في الواقع إلي منهجين متعارضين:

· المنهج العلمي : هو منهج تحليلي ويبني فرضياته وتحليلاته علي المقدمات الموضوعية والعلل المحققة، ثم الوصول إلي النتائج إستدلالاً دونما تناقض بين السبب والنتيجة.

· منهج التقرير الأيدلوجي : وهو منهج يضرب بالواقع عرض الحائط ويبني فرضياته علي مسلمات إعتقادية لا يخضعها صاحب هذا المنهج لمبدأ السبب والنتيجة أو لمعيار التحقق. وأهم سمات هذا المنهج في الحوار هو الكيل بمكيالين، حيث يقبل النتيجة إذا تماشت مع أيدلوجية صاحب المنهج ويرفضها إذا لم تتماش معها، حتى لو كانت الأسباب واحدة.

وقبل أن نسوق الحديث إلي الأمام، نشير إلي أنه من أكبر مشكلات الفكر في السودان ازدواجية المفكرين والخلط المنهجي في الطرح. ولما كان ليس بإمكاننا أن نعزو هذه الازدواجية لقصور معرفي خاصة وسط (الدكاترة)، فإننا نرى أن هناك أسباباً أخرى أهمها:-

· الالتزام أو التواطؤ الأيدولوجي الذي يلقي بظلاله علي زوايا حيوية في عملية النظر وإعمال الفكر وبالتالي الاتكاء علي مقدمات وفرضيات غير سليمة ومن ثم الاصطدام بالموضوعية.

· عدم توفر الشجاعة الكافية للإفصاح من قبل البعض، ومحاولات التوفيق وذلك بسبب وجود سلطة مهيمنة موجهة ـ سياسية، دينية، أو اجتماعية.

نحن نتبنى المنهج الأول. وننطلق من حقيقة أن السودان دولة متعددة الثقافات والأديان والأعراق والأقاليم واللغات وأنه من الأفضل ومن حق أبناء الدينكا أن يدرسوا بلغة الدينكا وأبناء النوبيين باللغة النوبية وأبناء العرب باللغة العربية. وكذلك الجماعات الأخرى. وأنه لا يجوز لأي جهة فرض لغتها أو هويتها علي الآخرين. التزاما بمبدأ التعايش السلمي. وإذا ما اقتضت ظروف معينة كأن يكون فرعاً من فروع العلم يتم إنتاجه بلغة من اللغات أو أن يكون هناك تفضيل مثل أن يقرأ القرآن باللغة العربية (التزاماً بمتنه الأصلي) فلا مانع من أن توفر الدولة وسائل لتعلم اللغة المعينة اختياريا مع التزامنا بمبدأ دعوة أبناء السودان للتعلم الاختياري للغات الكبرى في العالم من أجل التحصيل المباشر للمعرفة التي لا نملكها وللتواصل الإنساني مع الشعوب الأخرى بمن فيهم العرب.

3- مناقشة خطاب التعريب

3-1 – أطروحة د.أبوصالح:

نناقش هنا مقدمات ومنطلقات د.أبوصالح، وهي مثال للالتزام الأيدلوجي. وبالرغم من أنها تنحى منحى العمومية ـ أي حقلها العالم العربي كله ـ إلا أن ما يهمنا هنا هو واقع السودان باعتباره جزءًا تنطبق عليه الأطروحة قصداً. والتي يبدأ الدكتور فيها بمقدمة تاريخية قائلاً: ((…هل هناك طب عربي؟ وهل هناك كتاب طب عربي؟ نعم، عندما أخذ الإسلام مشعل الحضارة، كانت العربية هي لغة الحضارة، ارتقت العلوم ومن بينها العلوم الطبية. إن الطب الذي ارتقى في عهد الإغريق قد ارتقي وتتطور أيضاً علي أيدي العرب والمسلمين الذين حملوا الراية إلي عهد ليس بالبعيد، بل علي مشارف الطب الحديث …وإن أسماء الأطباء في ذلك العهد البعيد تملأ مجلداً .))[8]

أولاً:- هذا الكلام يكشف بوضوح الأيدلوجية التي ينطلق منها د. ابوصالح وهي أيديولوجيا الأصالة ذات الخطاب الإنشائي الذي يشيد نفسه علي التغني بأمجاد الماضي ـ ماضي العرب والمسلمين ـ ويتخذ من هذا التمجيد برهاناً نظرياً لدعوته ومن ثم القفز فوق الحاضر وتصور المستقبل في شاكلة الماضي.

ثانياً:- إن كلمة المسلمين التي أضافها د.أبوصالح لكلمة العرب بواو العطف، لا علاقة لها بموضوع التعريب لان العطف وفق قوانين اللغة يعني أن هؤلاء المسلمين غير العرب. وبالتالي حتى لو طوروا الطب أو لم يطوروه فإن ذلك لا علاقة له باللغة العربية المراد تسييدها الآن.

ثالثاً :- لاحظ الخطاب الدعائي في عبارة (إن أسماء الأطباء في ذلك العهد البعيد تملأ مجلداً). هذا نوع من أنواع المبالغة التي تجافي الموضوعية. فما الفائدة العلمية من هذا القول؟

ثم يقول د. أبوصالح ((… لقد طور العرب علم التشريح والصيدلة، والتراث الطبي يملأ مجلدات كثيرة، ولعل من أول واجبات العاملين علي نهضة العالم العربي هو نشر ذلك التراث حتى يكون في متناول الجميع ))[9] ونحن نسأل: ماذا سنفعل بهذا التراث ؟ وماذا سيفعل العرب أنفسهم به؟ ود.ابوصالح نفسه يعترف بان هذا التراث قد توقف فعله علي مشارف الطب الحديث وبذلك قرر أمرين هامين:

أ/ أن هناك طب قديم وآخر حديث.

ب/ أن القطيعة قد تمت بين القديم والحديث في الطب.

لذلك لا نظن أن دعوة أبو صالح ستجد الاستجابة من أنصار نهضة العالم العربي، لأن النهضة تقوم علي العلم وليس تاريخ العلم.

وفي مدخل موضوعه يقول: ((…أما الدول التي تدرّس بغير لغاتها فهي تلك التي كانت تحت سيطرة الدول الاستعمارية، إذ أن الاستعمار لم يكن استعمارا سياسياً واقتصادياً فحسب، بل كان استعماراً ثقافياً وفكرياً . لهذا حاول جاهدا تغيير اللغات القومية واستبدالها بلغة المستعمر.))[10]

مسألة الاستعمار هذه، لابد من وضعها في الإطار الصحيح كما هي في الواقع وليس كما يثيرها البعض بغرض إلهاب المشاعر وتهيئة الجو لمنطق (جملةً وتفصيلاً) الذي سيكون أول الخاسرين فيه مثيرو المسألة.

الاستعمار –جوهرياً – ظاهرة متكررة في التاريخ البشري، وبالرغم من أنه مصطلح حديث إلا أن دلالته في الواقع تماثل أحداثاً أخري في القرون الماضية، مثل الفتوحات العربية الإسلامية وحملات الاسكندر الأكبر. فعندما بدأت جيوش الغرب في الزحف نحو أجزاء العالم الأخرى كانت ترفع راية نقل الحضارة إلي أولئك (البدائيين) وكان ذلك ستاراً لأهداف أخرى هي:

1- السيطرة علي موارد المواد الخام.

2- فتح أسواق جديدة لمنتجات النهضة الصناعية، وهذا يماثل بدرجة كبيرة الفتوحات الإسلامية في القرون السابقة، حيث بدأت الجيوش زحفها تحت راية لا إله إلا الله، ولكن ذلك كان ستاراً للبعض للاستيلاء علي ارض الشعوب التي تحولت إلي غنائم والشعوب إلي عبيد وسبايا. وإذا أصر د.أبو صالح وأنصار التعريب في السودان علي هذه الحجة، فأننا بنفس المعيار نقول أن التعريب في السودان هو استعمار فكري وثقافي وسياسي لغالبية أهل السودان.

ولكن زمن الفتوحات قد ولى، والدول الآن في مرحلة البناء الوطني تحتاج إلي كل ما هو إيجابي والتخلص من كل ما هو سلبي. و هذا يحتاج إلي وضوح الرؤية والمعيار الصحيح. وبنفس المعيار الذي قبلنا به لغة الدكتور أبوصالح وحضارته وقبل به د.أبو صالح بقاء السكة الحديد والسيارة والطائرة بدلاً من (سفينة الصحراء)، والكلوروكوين بدلاً من (القرض) واستعمال البدلة والكرفتة بدلاً من الجلباب، وكل ذلك من إنتاج الاستعمار، فلماذا لا يستعمل اللغة للتواصل الإنساني والوصول المباشر إلي معرفة لا يملكها بدلاً من تعريج الطريق بغير ضرورة موضوعية؟

هناك مقولات مثل ((…اعتقد الكثير من الأطباء العرب أنه لا يمكن دراسة الطب إلا باللغات الأجنبية ..))[11] هذا الخبر لا يكون صحيحاً إلا إذا أضيفت إليه عبارة مثل (في الوقت الراهن)، ونحسب أن د.أبو صالح كان مغرضاً عندما صاغ الخبر بهذه الطريقة، ليظهر اعتقاد الأطباء المذكورين بغير مبرر، صحيح كان أم خطأ، ليحرم هذا الاعتقاد من أبجدية الدفاع عن النفس. والحقيقة هي أن أي اعتقاد يقوم علي مبرر حتى لو كان من شاكلة (في الوقت الراهن) ونحسب أن الدكتور يريد الوصول إلي نتيجة في قمة المنطق و لكنها مبنية علي مقدمات غير صحيحة، إذ يقول (( …إذا كان بإمكان الطالب العربي أن يدرس الطب بأي لغة، فما باله لا يستطيع الدراسة بالعربية!!))[12] فالتساؤل بهذه الصيغة في حد ذاته خطأ لأن أحدا لم يقل شيئاً مطابقاً لذلك المعني. وخلاصة النقاش في هذه النقطة هي أن هذا نوع من أنواع الفساد الفكري والتدليس، حيث يتم خلق مقدمات غير صحيحة – والكاتب يعلم أنها غير صحيحة – للوصول إلي نتيجة موضوعة مسبقاً. هذه حيلة كثيراً ما تنطلي علي غير المدققين.

ثم يصل د.أبو صالح إلي ((…أنه من المنطقي أن الفهم والاستيعاب والتفكير والكتابة والمناقشة تكون سهلة إذا تحدث المرء بلغته ))[13] هذا الكلام صحيح، ولكننا إذا أردنا تطبيق هذا القول ليكون مبرراً للتعريب في السودان فلابد من تحقق شرطين:-

أ/ أن يكون الغرض هو سهولة الاستيعاب و التفكير ..إلخ.

ب/ أن تكون اللغة المراد سيادتها هي لغة السودانيين بنسب حقيقي، وهذا يعني أنه من المنطق أن ندرس الفور بلغة الفور والدينكا بلغة الدينكا والنوبيين باللغة النوبية وهكذا ما دامت المسألة ترجمة المعارف بأي ثمن فلنفوّر ولننوّب المعارف مثل ما هي تعرّب.

3-2-أطروحة د.خالد المبارك

هذه الأطروحة ستكون محوراً لنقاشنا، وقد تم هذا الاختيار للأسباب التالية:-

أ/ أن د.خالد المبارك يقف في مكان ما أقرب إلى الموضوعية من أنصار دعوة التعريب الآخرين، بالتالي فإن نقدنا لحججه يعني تلقائياً سد الطريق أمام المتطرفين.

ب/ أنه قد طرح أفكاره في محاورة صحفية وهذا الشكل يعطي فرصة لشرح وتوضيح الحجج بصورة كافية بحيث لا يكون هناك مجال للتأويل والمغالطة، ولجمهرة عريضة من الناس يتشكل وعيهم من خلال هذه الأفكار.

يبدأ الدكتور خالد المبارك من النقطة التي انتهينا عندها مع د.أبو صالح ويشرح وجهة نظره حول أسباب الاتجاه للتعريب قائلاً: ((… أولها موضوع المستويات إذ أنه من الثابت علمياً أن الطلاب يستوعبون افضل إذا درسوا بلغتهم أما الطلاب الذين يدرسون بغير لغتهم فانهم يبذلون مجهوداً للتغلب علي مصاعب اللغة ثم يلي ذلك استيعاب المعرفة نفسها بصورة جيدة في المرحلة التالية..))[14] هذا تقريباً ما قاله د.أبو صالح و بالتالي ينطبق الرد. ومن الملاحظ أن د.خالد المبارك يتبنى المنهج العلمي علنياً بقوله (من الثابت علمياً)، ولكنه مع الأسف يبدأ بعد ذلك مباشرة في عملية الإطاحة بذلك المنهج وترك الموضوعية جانباً إذ يقو: ((…هناك عامل آخر هو تعريب المناهج دون الجامعية، الملاحظ أن مستوى اللغة الإنجليزية قد انخفض انخفاضا كبيراً مما جعل الجامعة تقف أمام خيارين لا ثالث لهما للمحافظة علي المستوى، أولهما إما تعريب المناهج أو ثانيهما أن يظل التدريس باللغة الإنجليزية وبالتالي يظل مستوى الطلاب في هبوط ..))[15] . وهذا تهافت ظاهر فالخيارات ليست اثنين لا ثالث لهما كما ذكر انطلاقا من مبدأ السبب والنتيجة، فهناك :

أ/ إعادة النظر في تعريب المناهج دون الجامعية.

ب/تحسين مستوى الإنجليزية في الثانوية.

ج/ تحسين مستوى الإنجليزية في الجامعة.

ود.خالد المبارك يعلم أن كل تلك الخيارات ممكنة علمياً وبتكاليف أقل من التعريب، لتجاوز انخفاض مستوى الإنجليزية وبالتالي مسألة هبوط المستويات، ولكنه يستبعدها لا لأسباب موضوعية علمية، وإنما لشيء في نفسه.

ويمضي د.خالد شارحاً الموقف –حسب رأيه – قائلاً : ((…التفاعل في الأسئلة والأجوبة ضعيف للغاية ويعزي هذا الأمر إلي الضعف في مقدرتهم الإنجليزية ، وبالتالي العجز عن استعمال المراجع وهم يلجأون إلي الحفظ … -ويخلص إلي القول – فالخسارة في التدريس باللغة الإنجليزية لا تنحصر في عدم المقدرة علي الاستيعاب إنما تتعدي ذلك إلي أنها تسلب الطلاب المقدرة علي الابتكار ومعالجة المواضيع وهذا لب التعليم الجامعي ))[16]

أولاً :- لا نحسب أن مستوى الطلاب قد وصل إلي عدم المقدرة علي الاستيعاب كما ذكر، وكان يمكن أن يكون موضوعياً ويقول صعوبة الاستيعاب.

ثانياً:- أن مشكلة الحفظ فهي بالدرجة الأولي ترجع إلي منهج يتعلمه الطالب في مراحل التعليم دون الجامعي، وذلك بسبب حرص الكثير من الطلاب واعتقادهم بأن الحفظ يضمن لهم الدرجات الكاملة لإجابات أسئلة الامتحان وكما هو معروف فإن بعض الطلاب في الثانوية يقومون بحفظ مقرر التاريخ والأحياء مثلاً، وبذلك يصبح الحفظ عادة يواصلها الطالب في الجامعة. لذلك فإن مشكلة الحفظ المذكورة لا ترجع إلي اللغة عربية كانت أم إنجليزية في المقام الأول.

ويواصل د.خالد المبارك قائلاً ((… التعريب يعتبر قضية حضارية لكوننا نمر بمرحلة صحوة حضارة عربية إسلامية، فإن لغتنا لابد أن تسترد كرامتها وثقة أبنائها ))[17]

أولاً : يكشف د.خالد المبارك هنا عن أيدولوجيته بوضوح. ولكن، ما هو مفهوم الحضارة عند د.خالد المبارك حتى تكون لجملة (صحوة حضارية) دلالتها وبالتالي الضرورة للتعريب انطلاقاً من مفهوم الحضارة ؟

ثانياً :- من هم المقصودين بالضمير (نا) في لغتنا؟ د.خالد المبارك ومن ؟ وما دام المقام هو مقام التعريب في السودان، فإنه قبل معالجة الشكوك في علاقة النسب بين اللغة العربية المراد سيادتها والسودانيين، فإن دعوة التعريب تجد نفسها هكذا مضطرة للتقرير الأيدلوجي والاستناد علي إلهاب المشاعر بألفاظ مثل (تسترد كرامتها).

بعد ذلك يضيف أن التعريب ((…نادت به هيئات الأساتذة واتحادات الطلاب ومختلف المنظمات السياسية ))[18] كمطلب سابق للاستقلال. ونحن نسأل: ما الذي يجعل المناداة مبرراً ؟ أليست هي نفسها تحتاج إلي تبرير؟ وعندما يتحدث عن العقبات التي واجهت تلك المناداة يقول: ((… أما بالنسبة للاخوة الجنوبيين فإن معرفتهم الآن باللغة العربية تختلف عن معرفتهم عام 1956م ، كما أن جامعة الخرطوم لم تعد الجامعة الوحيدة في السودان فهناك خيار، ففي جامعة جوبا متسع للطالب الذي لا يجيد اللغة العربية إطلاقاً.))[19].

إن المتأمل لهذا الكلام لا يصاب بالدهشة فحسب، إنما بالحزن العميق لما يمكن أن يسببه مثل هذا النوع من الأفكار من مشكلات في بلد كالسودان أهم حقيقة فيه هي التعدد والتنوع. نحن نسأل د.خالد المبارك وأنصار فكرته: لماذا لا يذهب الطلاب الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية إلي جامعة القاهرة الفرع أو جامعة أمد رمان الإسلامية؟ أليس هناك متسع أم أن المسألة فيها خيار وفقوس؟؟

ثم يناقش بعد ذلك المسائل الفنية مثل وحدات الترجمة والمدى الزمني. وليس ذلك من اهتمامنا في هذه المناقشة لأننا إذا لم نتفق علي (لماذا؟) فلن تكون الإجابة علي (كيف ؟) و(متى؟) مبررا.

ويتصدى د.خالد المبارك للدفاع عن اللغة العربية قائلاً: (( .. إن اللغة العربية كانت لغة حضارة مزدهرة تمكنت من تغطية كل أوجه تلك الحضارة، وأثرت نفسها بالاستعارة من اللغات الأخرى ولم تمت إطلاقا، بل أن لغة القرآن غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها.))[20].

وهذا نموذج لازدواجية الفكر والخلط المنهجي. ففي صدر المقولة يتعامل مع اللغة ويفسر مقدرتها وتطورها انطلاقا من المنهج العلمي الذي يسلم بأن اللغة ظاهرة اجتماعية تؤثر وتتأثر وتتغير لتساير حركة المجتمع كانعكاس لهذه الحركة وضمن تلك العملية تتم عمليات الاستعارة والاغتناء. هذا هو التفسير العلمي الصحيح ولكن الدكتور يقع في التناقض مباشرة باتباعه القول : ((.. إن لغة القرآن، غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها)) !! فإذا كانت هذه اللغة غنية وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي (إذا صح هذا فإنه يكفي علميا ) ولكنه يحاول إلباس اللغة ثوب القداسة لتصبح العملية كالآتي: ( بما أنها لغة القرآن: إذن هي قادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها) و بذلك يتم التخلي عن المنهج الأول، واللجوء إلي التقرير الأيديولوجي، فيقع الخلط المنهجي والتناقض في دلالات الكلام. بعد أن أكمل الدكتور حججه، استدرك قائلا ((… إن الدعوة للانحياز للغة العربية لا تعني معاداة المعرفة الوافدة من خارج الحدود.))[21] .ولكننا قبل أن نصدقه فإننا نطالب دعاة التعريب في السودان بمراعاة الحقائق التالية:

أ/ أن المعرفة يجب أن لا تخضع لمعيار الحدود حتى لا تتم عملية الإيسار لغث المحلي، والإعسار علي سمين القادم من الخارج.

ب/ أن أغلب المعارف يفد من الخارج.

ج/ أن المعرفة لا يمكن أن تفد إلا من خلال تلك اللغات التي يتم الانحياز للعربية ضدها.

د/ أن دعوة الانحياز للغة العربية المبنية علي المبررات الأيدلوجية لا يمكنها تجاوز عدائها المتضمن في إيديولوجيا الأصالة لما هو وافد.

وبناء علي هذه الحقائق، وحتى يكون كلام د.خالد المبارك صحيحا، فلابد من استبعاد المبررات المبنية علي أيدلوجيا الأصالة في حديثه السابق، ولكن ذلك سيطيح بآخر متكأ لدعوته.

ثم يطالب د.خالد المبارك بعد ذلك ((…بإيجاد الوسائل لتحسين تدريس اللغة الإنجليزية والانفتاح علي اللغات الأخرى ))[22] . هذه الدعوة نؤيدها، والتي لو تمت ستؤدي إلي ارتفاع مستوى الإنجليزية واللغات الأخرى ،وبالتالي انتفاء أهم الأسباب التي ظل يسوقها لتبرير دعوته للتعريب، مثل صعوبة الاستيعاب وهبوط المستوى و.. و…إلخ.

ولكن إذا تم التعريب، فكيف سيتم تنفيذ هذه المطالبة ولماذا؟ علماً بأن الدكتور – في فقرة سابقة – يعزو ضعف الإنجليزية لتعريب المناهج دون الجامعية. ثم إذا عربت المناهج الجامعية فماذا سنفعل بهذه اللغات؟ فهل هناك لغة مجردة أي خارج عملية الممارسة ؟؟

ويختتم الدكتور حديثه قائلا ((…بهذا المفهوم فالدعوة للتعريب ليست دعوة للتعصب والتقوقع بقدر ما أنها دعوة لسيادة اللغة في دارها مع احترامنا للغات الأخرى ومنجزاتها ))[23]. السؤال هو ما الذي دعا الدكتور لإيراد هذا النفي ؟ الإجابة أن هناك شبهة تعصب أحسها الدكتور في حديثه، وإلا فلا تكون هناك حاجة لمثل هذا النفي. أما الركض وراء هدف مثل (سيادة لغة) بالمجان هكذا دونما إنتاج مصاحب من العلم والمعرفة، فهذا هو التعصب بالتأكيد، مع التأكيد مرة أخرى علي شبهة الدار الكبيرة بالنسبة للغة العربية في السودان.

خلاصة مناقشتنا لأطروحتي الدكتورين، أن دعوة التعريب في السودان لا تستند علي مبررات موضوعية أو علمية ولكنها تتكئ علي تقريرات أيديولوجية. وهذا يقودنا لمناقشة الأيديولوجيا التي ينطلق منها دعاة التعريب في السودان لما لها من آثار في حياتنا.

4 ـ أيديولوجيا الأصالة

تعريف الأيديولوجيا:- هي كما يعرفها د.نعمان الخطيب ((مجموعة من الأفكار الأساسية التي تنبثق من العقائد والقيم المتصلة بتراث حضاري معين، لتصور بصفة شاملة ما هو كائن وما سيكون ، وترسم بذلك حركة الجماعة السياسية وتحدد ملامح أهدافها ))[24] أما بولانتزاس فيقول ((..لا تتكون الأيديولوجيا من منظومة من الأفكار والتصورات فحسب ، بل تنصب علي سلسلة من الممارسات المادية والأعراف والعادات وأسلوب الحياة ، وتختلط كالأسمنت مع بنية مجموع الممارسات الاجتماعية بما فيها الممارسات السياسية والاقتصادية. وتلعب الروابط الأيدلوجية دوراً جوهرياً في تأسيس روابط الملكية الاقتصادية والتملك، وفي تقسيم العمل الاجتماعي داخل علاقات الإنتاج. كما لا تستطيع الدولة إعادة إنتاج وتوطيد السيطرة السياسية بالقمع والعنف العاري لوحدهما، و إنما تستعين بالأيدلوجيا لإضفاء الشرعية علي العنف …))[25] . ويمكننا أن نعرفها بأنها مجموعة من الأفكار المشتركة لجماعة ما وظيفتها تبرير ممارسات ومصالح هذه الجماعة المادية أو المعنوية أو الاثنين معاً في حلبة الصراع الاجتماعي.

وما يعنينا في هذا المقام هو منهج التقرير الأيدلوجي في الخطاب وفي الحوار حول القضايا، حيث تطرح مجموعة من الأفكار والتصورات لتبرير ممارسات بالاستناد علي (مسلمات) اعتقادية مشكوك في صحتها أو هي علي الأقل محل اختلاف ويتم صنع (المنطق) من خلال ألعوبة القفز فوق عناصر الشكوك والاختلاف، وبالإجراء المعكوس بتقرير الإجابة أولاً ثم يتم البحث عن مبررات منتقاة، والمبررات الأيديولوجية غالباً ما تعطي الأولوية للمشاعر علي الموضوع.

وما دمنا بصدد التعريب في السودان، فإن دعاته يمكن تصنيفهم من منطلق آرائهم تحت لواء أيديولوجيا الأصالة و هي أيديولوجية نشطة هذه الأيام وتصوغ مبرراتها انطلاقا من الدين والقومية العربية مثال لذلك مقدمات د.أبو صالح وقول د.خالد المبارك ((إن لغة القرآن غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها )).

اللغة والدين

ما هي حقيقة اللغة ؟ يقول د.طه حسين (( … نفهم انه لا يبدل وحي السماء، ولكننا نعلم أن اللغة ليست من وحي السماء إنما هي ظاهرة من ظواهر الاجتماع الإنساني ))[26] بهذا الفهم فإن اللغة ـ أية لغة ـ تستمد قوة بقائها وتطورها ومقدرتها من الإجتماع الإنساني، وليس من وحي السماء، لذلك فإن نسب اللغة إلي وحي السماء لا يضيف إليها قيمة علمية.

اللغة والقومية

ما دمنا بصدد التعريب ، فإن النقاش يحيل نفسه إلي حيز القومية العربية ، حيث الدعوة تستند بقدر كبير علي أيدلوجيا الأصالة . ونحن نسلم بأنه لا يجوز لأحد أن يفرض قوميته أو لغته أو هويته علي الآخرين. و من حق العرب أن يدافعوا عن قوميتهم ولغتهم وهويتهم، ولكن ذلك لا يعطيهم الحق في فرضها علي الآخرين في السودان. ولكن ما هو مصدر هذه الأيديولوجيا ـ الأصالة؟ ولماذا أصبح أصحابها القوميين والدينيين في العالم العربي والسودان هم الأكثر إثارة لهذا الموضوع، و ما هو تفسير نمو أيديولوجيا الأصالة ؟

يقول د.طه حسين : (( .. إن الأمم إذا اضطرتها صروف الحياة أن تنزل عن مجدها وتنحط عن مكانتها العالية ، فتخضع لخطوب الدهر حيناً وتنام عن العزة والسلطان ، ثم استفاقت من هذا النوم ، وتنبهت بعد الغفلة ، فأول شعور تجده في نفسها إنما هو الشعور بهذا المجد القديم، والحاجة إلي إجلال أصحابه وإكبارهم واتخاذهم مثلاً عليا ،الشيء الذي يقف عائقا أمام البحث العلمي الصحيح .. ))[27] .

هذا التفسير ينطبق كلياً علي أيدلوجيا الأصالة ودعواتها الدينية والقومية التي تبتي نفسها بالتغني بأمجاد الماضي. وبهذا الفهم فإننا نرى أنصار دعوة التعريب التي هي إحدى إفرازات أيدلوجيا الأصالة، نراهم يسيرون إلي الوراء ولكنهم يخفون حالتهم وراء الألفاظ مثل صحوة حضارية ونهضة..إلخ . هذا بالإضافة لما ذكرناه عن عقدة النقص لدى (الأصالويين ) في السودان.

ملاحظات تاريخية

أ/ الملاحظ في تاريخ البشرية أن قيادة زمام الحضارة ظلت تنتقل من شعب إلي آخر فمثلا كانت للإغريق ، فلما بدأت الثقافة الإغريقية في الاضمحلال والركود نشطت الثقافة الرومانية واستوعبت الإغريق وطورت ما أنجزوه، ثم جاء العرب والمسلمون بعد ركود الرومان وطوروا وأنجزوا وقادوا الحضارة وعندما بدأت الثقافة العربية الإسلامية في الاضمحلال والركود تزامن ذلك مع نشاط الثقافة الأوروبية أو ما عرف لاحقاً بالغرب، وفي عصر النهضة ترجم الغرب من ضمن ما ترجم، ما أنجزه العرب والمسلمون ، وقاد الحضارة وما زال. الملاحظ أن الترجمة في أغلب ذلك كان الهدف الأول منها هو المعرفة وليس سيادة لغة. والملاحظ أيضاً تزامن عهود الترجمة الكبرى مع التغيرات الحضارية في العلم، حيث سقوط حضارات و صعود أخرى. والنتيجة، أن الترجمة من ثقافات الشعوب القائدة للحضارة وهي في قمة نشاطها، لا يجنب التبعية بل يكرسها عندما لا يكون هناك إنتاجا موازيا للعلوم والمعارف من قبل الشعوب الناقلة. لذلك فالذين يعتقدون أن التعريب يجنب التبعية واهمون. فالتعريب حسب رأينا يكرس التبعية لسببين:

الأول بسبب إضاعة وقت ثمين في مسألة تقنيات الترجمة التي تكون غايتها الإخلاص للغة وليس للمعرفة. خاصة إذا وضعنا في الاعتبار إشكالات اللغة العربية نفسها فيما ذكره عنها د.محمد عابد الجابري[28] في تكوين العقل العربي ود.محمد أركون في مقدمة كتابه الفكر العربي[29] .

والسبب الثاني هو خلق وساطات = المترجمين الذين يصبحون طبقة جديدة تتحكم معرفياً في مصير الشعوب التي تحتاج إلي المعرفة في إطار تجددها ونتائجها وبذلك تصبح التبعية مركبة:

أ/ تبعية داخلية، حيث يخضع المترجمون المعرفة لمزاجهم وظروفهم وأيديولوجياتهم.

ب/ تبعية خارجية لأن الترجمة تأتي دائما متأخرة عن حركة المعرفة ولا تنتهي هذه التبعية إلا بالإنتاج أو توقف حركة المعرفة في الخارج وهذا ليس متصوراً في الأفق المنظور.

5- رؤيتنا للمسألة

الحضارة : Every physical point tends to reach its minimum state of energy. أي أن الأشياء دائمة النزوع نحو مستوى طاقتها الأدنى وهو القانون الطبيعي الأول الذي يتم الانطلاق منه لتفسير الحركة (الانتقال ، التغير ، التطور). والمعرفة التي تشكل الفعل الذي يحور الأشياء لتكون النتيجة حصول الإنسان علي حاجته في أقرب وقت وبأقل جهد ممكن ضمن حقل

ثقافي /اجتماعي/تاريخي هذا أبسط تعريف للحضارة وهي بهذا المعنى حركة في الزمان والمكان تنمو وتتطور باستمرار وتأخذ وتعطي بمقدار الاقتراب منها. والفكر أو الفعل أو الشيء الحضاري هو للإنسانية جمعاء والخصوصيات لا تغير من حقيقته شيئا.

ولما كانت الثقافة هي الكل المركب الذي يشمل الأفكار والعقائد والعادات والتقاليد وأنماط السلوك والمؤسسات = جدلية المعرفة / الواقع، فإن الحضارة هي شئ داخل هذه الثقافة مؤسس علي العلم وخاضع لمعيار الإيجابية = جدلية العلم / الواقع.

البعد الحضاري

نقصد به علاقة الأخذ والعطاء المؤسسة علي العلم وإيجابية القصد وهو المعيار الذي نقيس به الفكر أو الفعل أو الشيء لنضعه في مفكرة المستقبل استعارة أو تسليفاً.

الواقع هو أن منجزات العلم قد شيدت حضارة عظيمة واصبح كم المعارف كبيرا . هذا الكم هو الصانع لحركة الحياة. و بالرغم من ما يشوب العالم من صراعات إلا أن هناك نزوع نحو السلم والتعارف والتعاون بين الشعوب ومع نمو وتطور وسائل الاتصال أصبح العالم قرية. وفي مثل هذا الواقع لابد من إعادة النظر في التصورات المغلقة ونبذ التعصب القومي والديني والتعامل بمعيار البعد الحضاري. لان حركة الحياة لا تنظر لإرضاء غرور أحد.

نموذج تطبيقي لما أسميناه بمعيار البعد الحضاري

نبدأ بالإجابة علي سؤال طرحناه سابقاً وهو : لماذا لا ندرس أبناء الدينكا بلغة الدينكا وأبناء النوبيين باللغة النوبية من الابتدائية وإلي الجامعة ؟ . طبعا هذا هو الطبيعي وهو ممكن وبأسباب أقوي وحجج من تلك التي يسوقها دعاة التعريب . ولكن لاسباب تاريخية دخلت اللغة العربية إلي السودان كما دخلت الإنجليزية وتم استيعابها بشكل ما ، ونحن الآن عندما نعلن قبولنا لها ( دون التخلي عن لغتي الدينكا والنوبيين فإن ذلك يكون بمعيار البعد الحضاري لسببين:

الأول / لأنها تحمل بعض المعارف الجديدة لأهل السودان.

والثاني / لأنها تشكل جسراً للتواصل الإنساني مع أناس آخرين في العالم أسمهم العرب ، طول ما كانت تقدم إلينا اختياراً، وفي حدود هذين السببين المذكورين.

نفس هذا المعيار نطبقه علي اللغات الأجنبية الأخرى ومادام يطالبنا دعاة التعريب بأن نترك ـ ونحن غالبية السودانيين ـ لغاتنا = (رطاناتنا كما يسمونها استخفافاً) ونتعلم اللغة العربية، فلماذا يطالبوننا بأن نتعصب معهم ضد اللغات الأخرى مثل الإنجليزية ونحن في حاجة إليها أكثر من اللغة العربية ؟ هنا لابد من الإشارة إلي الآتي:

أ/ إذا كان هناك صراع بين دعاة العروبة كخصوصية والغرب كخصوصية، فنحن غالبية السودانيين لسنا طرفاً في هذا الصراع؛

ب/ أننا نتعامل مع اللغات الأجنبية بما فيها اللغة العربية ـ بالنسبة لغالبية السودانيين ـ بحياد تام ولا يكون انحيازنا للغة ما إلا بمعيار البعد الحضاري.

التعريب والترجمة

نرى أنه لابد من التفريق بين مصطلحي الترجمة والتعريب.

الترجمة: هي عملية لا علاقة لها بمناهج التدريس، بل هي عملية أزلية تحدث في جميع اللغات لضرورات يمليها واقع معين هو محدودية إمكانية تعلم اللغات. أي أن الفرد حتى الوقت الراهن لا يمكنه إجادة كل اللغات الموجودة في العالم اليوم، وهناك الكثيرين لا تمكنهم ظروفهم من تعلم وإجادة اكثر من لغة واحدة، وهم لذلك محتاجون لمن يترجم لهم إلي اللغة إالتي لا يجيدون غيرها.

التعريب: أما التعريب ـ حسب ما هو مطروح ومنمذج ـ فهو يتجاوز مسألة ضرورات الترجمة وتداول المعرفة إلي مسالة تسييد اللغة العربية وتعظيمها ورد كرامتها، بل ومحاولة إضفاء صفات القومية علي المعرفة والعلم. أما إذا ما عشعش وهم بأن ترجمة المعرفة يكسبها صفة العروبة في أذهان الناس فإن ذلك يكون بسبب حذلقة دعاة التعريب.

6 ـ الخلاصة

دعوة لمشروع تعليم حضاري في السودان :

لما كانت أهم أهداف التعليم هي توصيل المعرفة في المقام الأول وتعزيز التفاهم والتواصل بين الناس في العالم ونبذ التعصب والعنصرية ، فلنتصور حال طالب سوداني يدرس من الابتدائية وإلي أن يتخرج من الجامعة باللغة العربية ليصبح محكوما عليه بالانحصار في زاوية ضيقة من العالم إسمها العالم العربي، والخضوع لمزاجات المترجمين وظروفهم وأيديولوجياتهم ، وكل ذلك لا لشيء إلا الإخلاص الصوفي للغة العربية، أليس هذا هو التقوقع والتعصب؟ وإذا وضعنا في الاعتبار واقع العالم اليوم، أليس هذا نوع جديد من أنواع العنصرية؟؟

سيقول أنصار هذه الحالة أنه يمكن تدريس اللغات الأخرى. ولكن هذه مراوغة ، لأنه ليس هناك لغة مجردة ـ أي خارج عملية الممارسة التي تتم بالتحدث speaking والتدريس teaching and studying . فإذا تم إقصاء اللغات الأخرى بسبب التعريب من مناهج التدريس فمع من يتم التحدث في هذا الجو العربي الصافي؟ وانطلاقا من مفهوم البعد الحضاري للتعليم الذي يستند علي

إمكانية الوصول إلي المعرفة في إطار تجددها بامتلاك أكبر قدر ممكن من أدوات التواصل = اللغات، فإن التعليم يجب أن يقوم علي مبدأ ديمقراطية التعليم أي تمليك الطلاب أدوات الصيد في بحر المعرفة، وترك الخيار لهم بعد ذلك للإبداع وهذا يتطلب:

أ ـ صرف النظر نهائياً عن دعوة التعريب في التعليم العالي، وإعادة النظر في تعريب المناهج دون الجامعية وذلك لإعطاء فرصة اكبر للغات الأخرى المحلية والأجنبية.

ب ـ الإقرار بمبدأ التعددية اللغوية والتدريس في المؤسسات التعليمية العامة بأكثر من لغة.

ج ـ إنشاء معاهد خاصة ودعمها لتقوم بتدريس اللغات بما فيها اللغة العربية وذلك لإعطاء الفرصة لمن يريد أن يطور معرفته بلغة ما أو للذين لا تسمح لهم ظروفهم بالتقدم في سلم التعليم العام.

د ـ التوجه نحو العلم في العملية التعليمية وترك التوجهات الأيدلوجية السائدة.

اعتذار

نعتذر لقرائنا الكرام لغياب بعض [التفاصيل] في عناوين المراجع حيث أن بعضها لم يكتب كاملا حسب الطريقة العلمية المتعارف عليها ، السبب مرتبط بظروف التنقل وعدم الاستقرار، وتوقيت طباعة الورقة.


[1] ما أسميناه بعقدة النقص تجاه العروبة في السودان مرتبط بظروف تاريخية معينة، حيث أن الأغلبية الساحقة للناقلين للثقافة العربية الإسلامية عبر تلك القرون الطويلة هم من[الأعراب] الذين يمثلون القبائل الهامشية في الجزيرة العربية والمناطق العربية الأخرى. وهم ليسوا ذوي جاه ولا علم بالإسلام وما نتج عنه من فكر، فكان من الطبيعي أن ينقلوا معهم واقعهم مؤسطراً وبالتالي اختلاط الحقيقة بالإدعاء علي مستوى الفكر والأنساب. بيد أن تطور العلوم في العصر الحديث كشف الحقائق المتعلقة بهم وأدى ذلك في تقديرنا إلي خلق عقدة النقص تجاه العروبة لدى هؤلاء، وهذا ما يفسر بعضا من ظواهر التشدد في التأكيد علي عروبة السودان بمناسبة وبدونها وتبني القضايا العربية بتشدد أكثر من العرب أنفسهم.

[2] ـ مخطوطة كتاب للكاتب بعنوان جدلية المركز والهامش؛ قراءة جديدة في دفاتر الصراع في السودان.

[3] ـ هذه الاكلشيهات مثل : الشخصية السودانية ، الثقافة السودانية ، الأخلاق السودانية ، الزي القومي ، الشعر القومي…إلخ .

[4] حوار مطول مع د.خالد المبارك جريدة الصحافة 9/7/1983م مثبت في كتابه التعليم العالي بالسودان .

[5] د.يوسف الياس؛ اللغة العربية وإشكالات التحديث ، مجلة حروف ، العدد الأول ، دار النشر جامعة الخرطوم ، ـ ، ص 44

[6] المرجع السابق ص47.

[7] نفسه، ص45.

[8] المرجع السابق ص47 ـ 49

[9] المرجع السابق ص47 ـ 49

[10] المرجع السابق ص 47ـ49

[11] المرجع السابق ص 47ـ49

[12] المرجع السابق ص 47ـ49

[13] المرجع السابق ص 47ـ49

[14] د.خالد المبارك؛ التعليم العالي بالسودان ، دار البحار ، بيروت، 1985م ، ضمن نص الحوار ص 105-110

[15] نفس المرجع

[16] نفس المرجع

[17] نفس المرجع

[18] نفس المرجع

[19] نفس المرجع

[20] نفس المرجع

[21] نفس المرجع

[22] نفس المرجع

[23] نفس المرجع

[24] الدكتور نعمان الخطيب ؛ الأحزاب السياسية ودورها في أنظمة الحكم المعاصرة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،2 شارع سيف الدين المهراني ، 1983 م ، ص167.

[25] نيكولاس بولانتزاس ؛ نظرية الدولة، ترجمة ميشيل كيلو ،دار التنوير للطباعة والنشر ،بيروت، 1987م ص25.

[26] د.طه حسين ؛ حديث الأربعاء ، الجزء الثالث ،ـ ، ص33.

[27] طه حسين ، المرجع السابق .

[28] في ص79 من كتابه تكوين العقل العربي يقول الجابري : ((…لاحظنا أن اللغة العربية ربما اللغة الحية الوحيدة في العالم التي ظلت هي هي في كلماتها ونحوها وتراكيبها منذ أربعة عشر قرناً علي الأقل … لقد جمدت اللغة العربية بعد ما حنطت ..ولكن الحياة الاجتماعية لا تجمد ولا تتحنط ، لقد انتقمت لنفسها بفرض لهجات ((عربية )) عامية كانت وما تزال ((أغني)) كثيراً من اللغة الفصحى …هنا تكمن المفارقة الخطيرة بل التمزق الرهيب الذي عاني ويعاني منه الإنسان العربي اليوم : ذلك أنه من جهة ،يتوفر علي لغة للكتابة والتفكير علي درجة عالية من الرقي من حيث آلياتها الداخلية ، ولكن هذه اللغة ذاتها لا تسعفه بالكلمات الضرورية عندما يريد التعبير عن أشياء العالم المعاصر .))

[29] الدكتور محمد أركون يشرح رأيه حول اشكالات اللغة العربية في مقدمة كتابه والذي يتلخص في نقطتين أساسيتين الأولي هي تعذر ملاحقة المعرفة في إطار تجددها بواسطة اللغة العربية . والنقطة الثانية هي : جمود الأطر الاجتماعية للغة العربية . د.محمد أركون؛ الفكر العربي ،منشورات عويدات، بيروت ـ باريس ، الطبعة الثالثة 1985.
(عدل بواسطة أنور أدم on 12-01-2005, 05:46 AM)

شيخ أنتا ديوب.. فرعون المعرفة الذي أعطى للحضارة الأفريقية حقها


شيخ أنتا ديوب.. فرعون المعرفة الذي أعطى للحضارة الأفريقية حقها

2020/01/1

كتبت – علياء عصام الدين 

لم تكن رحلة العودة بالإنسان الأفريقي الأسود إلى مجرى التاريخ الإنساني بعد عصور من التهميش والاستبعاد والاضطهاد المتعمد مهمة سهلة، ولم يكن طريقها معبدًا ومفروشًا بالورود، بل كانت إحدى المهام الثورية الشاقة التي تحتاج لعقلية الفلاسفة وشجاعة المحاربين وإخلاص الأبناء ونضال المريدين.

كانت أفريقيا دائمًا منبعًا لكثير من المفكرين والفلاسفة -الذين أثروا حقل الدراسات الأفريقية بأفكارهم ورسموا بفلسفاتهم تفاصيلها ومحاورها وسماتها الأساسية- كانت أيضًا مصدرًا لا ينضب للرجال الذين أخذوا على عاتقهم مهمة بلورة الوعي الجمعي والثقافي لأفريقيا وإعادة المجد المسلوب لأصحابه.

قطن أسلاف البشر الأوائل القارة الأفريقية، وكانت بشرتهم سوداء اللون عندما عمروا وادي النيل وأسسوا الحضارة الفرعونية العظيمة كانت هذه الفكرة -التي طرحها الشيخ أنتا ديوب والتي تلقاها المجتمع الثقافي الدولي باستنكار واستهتار- صادمة بشكل كبير، لاسيما أن تاريخ مصر وأفريقيا وقتذاك كان لا يزال يكتب بأقلام ركيكة تنظر للقارة السمراء، باعتبارها نموذجًا للتخلف الحضاري.

لقد كانت فكرة استيعاب أن يأتي أناس “سود” بمثل هذه الحضارة العظيمة والاعتراف بها دربًا من دروب المستحيل التي خاضها بشجاعة وضراوة الشيخ أنتا ديوب.

فرعون المعرفة بأفريقيا

لم تبخل القارة السمراء على العالم برجل مثل أنتا ديوب الذي كان عالـمًا موسوعيًّا ومؤرخًا وفيلسوفًا حاول عبر أفكاره وإسهاماته أن يعقد مصالحة كبرى بين أفريقيا والعالم أجمع.

ويعد ديوب أحد هؤلاء المفكرين الذين أضاءوا سماء أفريقيا وحاولوا خلق فلسفة جديدة تواجه التحدي الرئيسي الذي واجهة القارة السمراء والذي يتعلق بفكرة تعزيز العلاقات وتوحيد الأصول.

نشأ وترعرع في “السنغال” التي كانت ملتقى للثقافات الأفريقية الناطقة بالفرنسية، فكان لذلك أثرًا كبيرًا في بناء أفكاره وتشكيلها ومحفزًا أساسيًّا وملهمًا وباعثًا لاهتمامه بالتاريخ والإنسانيات والعلوم الاجتماعية. 

وُلد ديوب في عام 1923 من شهر ديسمبر، وعلى الرغم من انحداره من أسرة أرستقراطية ودراسته في فرنسا، كانت نشأته في إقليم “ديوربيل” -وهو إقليم زخر بعلماء الإسلام والتاريخ الشفاهي واهتم أهله بالفكر والمفكرين- أحد المحفزات التي ساهمت في تشكيل أفكاره، لاسيما أنه عايش التفرقة واستشعر العنصرية التي كان يعامل بها الفرنسيون سكان الأقليم.

وُلد ديوب وبلاده ترزح تحت وطأة الاستعمار، وتدرج في مراحل التعليم الابتدائية بتفوق ونجاح، ليتخصص في دراسة الفيزياء في مرحلة التعليم الجامعي بعاصمة النور “باريس”.

عمل ديوب مديرًا لمختبر الكربون الإشعاعي بجامعة داكار واحتل مكانه مرموقة بين اللجان العلمية الدولية ليصبح واحدًا من رواد التأريخ وعلم الآثار المصرية واللغة وعلم الاجتماع.

استفزاز عقل المحارب

كانت فرنسا منخرطة كغيرها من الدول في عقلية المركزية الأوروبية التي ترجح أن كل العلوم والثقافات كانت نتاجًا للعقل الغربي وغير ذلك من الإنجازات محض تفاهات لا طائل منها.

لم تخطف أضواء باريس عين ديوب، فلم يسقط فريسة لبريق الحضارة الأوروبية ولم يُبهر وينصهر في بوتقة المجتمع الفرنسي بإغراءاته ليتواءم مع مدنيته، كما فعل غيره من الحاصلين على منح دراسية، وعلى العكس خلقت أوروبا من ديوب وحشًا كاسرًا مدافعًا بالدلائل والبراهين والمقدمات المنطقية العقلية عن الحضارة الأفريقية وأصولها ودورها المحوري ومساهماتها العظيمة في إثراء العالم أجمع. 

وعلى الرغم من تخصص ديوب في مجال الفيزياء على يد زوج ابنة مدام كوري إلا أن توقيت دراسته وسط مجموعة كبيرة من الطلبة الأفارقة في باريس قد أثرى سياقة الثقافي والحضاري بشكل كبير، فتحول للاهتمام عن قصد بالتاريخ والعلوم الإنسانية وتنامى لديه الحس الوطني؛ حيث كانت يعيش في أجواء أشبه بالصحوة السياسية، فانخرط يشارك رفاقه المناقشات الثقافية والسياسية الخاصة بحقوق البروليتاريا ورفض سياسة القضاء على الحضارة الزنجية. 

انشغل ديوب شيئًا فشيئًا في الدراسات الاجتماعية، وكان الهدف الأساسي من ذلك الرد على الأكاذيب الأوروبية التي سادت على مدار قرنين من الزمان والتي نفت عن السود أي إسهامات في الحضارة البشرية بالرغم من أنهم بادئو الحضارة ومؤسسوها الحقيقيون. 

هذه الأجواء العنصرية في الحكم استفزت عقل الشيخ أنتا ديوب، وأثارت حفيظة روحه الأفريقية، فانطلق بدقة العالم وروح المقاتل للدفاع عن دور السود في حضارة وثقافة العالم ومدنياته.

ونشط أنتا ديوب في العمل السياسي الأفريقي داخل باريس وواصل بحوثه حول دور السود في رسم حضارات وثقافات العالم والتي كانت، ولا زالت أساسًا لأثره اللاحق في الدوائر الأكاديمية والعلمية .

وعبر سلسلة من المحاضرات والدراسات والأبحاث والكتابات لمع ديوب في سماء الفكر العالمي بوصفه مدافعًا مخلصًا عن الحضارة الأفريقية وتاريخها، واتسمت كتاباته بالدقة والعلمية كما اهتم بدراسة الآثار الأفريقية، وأسس مختبرًا متخصصًا في هذا المجال.

في عام 1951 رفضت أطروحته لنيل درجة الدكتوراه؛ حيث واجهت سيلًا من الانتقادات والاستهزاء بيد أنه قام بنشرها في كتاب تحت عنوان “الأمم الزنجية والثقافة”، حيث خاض معارك شرسة مع المسؤولين عن الدوائر الأكاديمية الذين بخسوا حقه.

وبعد إصرار منه وبدعم من بعض علماء الاجتماع والتاريخ، ورفض الأطروحة مرة تلو أخرى تمكن ديوب من أن ينتصر على كافة الدعاوى الأكاديمية التي رفعت ضده، حيث استمر على إصراره رفض قبول تبعية تاريخ مصر وأفريقيا لأوروبا وآسيا.

بعد 10 سنوات مُنح ديوب شهادة الدكتوراه من السوربون، وواصل إصدار كتابه “حضارة مدنية أم بربرية” مضيفًا المزيد من الأدلة بشأن المصريين وكونهم زنوجًا نافيًا أن تكون الحضارة الأفريقية فقيرة مقارنة بالحضارات الأخرى.

لم يكتف الشيخ أنتا ديوب بكونه باحثًا ومفكرًا يصيغ نظرياته الصماء في الكتب بل كان ناشطًا سياسيًّا من الطراز الرفيع حاول أن يطبق هذه الأفكار على الواقع السياسي للنهوض بقضيته الأم وتجاوز حالة عدم الاستقرار والتفكك وانعدام الانتماء والفخر الحقيقي بالقارة الأفريقية، والشعور بالمصير المشترك الجماعي، فقاد نضالًا من أجل خلاص أفريقيا من مخالب وأنياب الاغتراب الثقافي، وإعادتها إلى مكانها الصحيح الذي كانت عليه قبل عصور الاستعمار.

فاهتم بحركة التحرير الأفريقية من الاستعمار، وانضم للحركات الطلابية المطالبة باستقلال المستعمرات الفرنسية والكفاح ضد العنصرية وتحقيق الوحدة، وأدرك في وقت مبكر أن هذا لن يتأتى إلا عبر إعادة النظر في مكانة أفريقيا التي تم تشويهها.

في الفترة ما بين 1951 حتى 1953 شغل منصب أمين عام التجمع الديمقراطي الأفريقي، وقام بكتابة العديد من المقالات السياسية بمجلة صوت أفريقيا، كما ساهم في تأسيس الاتحاد الطلابي الأول للطلاب الأفارقة في باريس عام 1951.

بعد عودته إلى السنغال انتقل ديوب إلى مرحلة الممارسة الحقيقية، ورغب في خوض معترك الحياة السياسية؛ فأنشأ حزب الجبهة الوطنية السنغالية في 1961 برئاسة سيمبا ديوب، بمساندة الشيخ أمادومبك أحد كبار علماء الطائفة المريدية الأمر الذي أثار حفيظة ليوبولد سيدار سنجور الرئيس السينغالي، وزعيم المريدية الذي قام بتصفيه الحزب عام 1963، خوفًا من شعبية ديوب.

رفض أعضاء الحزب المنحل الانضمام للحزب الحاكم وظلوا في صفوف المعارضة، حتى كونوا حزبًا جديدًا برئاسة ديوب وهو حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان امتدادًا للجبهة الوطنية السنغالية. 

بدأ الحزب تحت قيادة ديوب بإصدار جريدة “تاخاو”؛ أي: بمعنى “قفوا”، هاجم فيها الحكومة، ولم يتم الاعتراف بالحزب خوفًا من مكانة ديوب الكبيرة وجماهيرته التي تهدد عرش سنجور السياسي. 

عظمة الحضارة الأفريقية

كانت فكرة التصدي للتمييز الحضاري وثقافة الاستيعاب الفرنسية، ورفض أشكال التمييز ضد السود، هي إحدى أهم الأسس التي انطلقت منها أفكار الشيخ أنتا ديوب؛ فكان واحدًا من رواد تيار الزنوجة، حيث تمكن من الجمع بين سياقات فكرية مختلفة وخاض فيها سويًّا -السياق الثقافي والحضاري والإسلامي والأوروبي وحتى السياق الوطني الثوري- الأمر الذي انعكس على منطلقاته في التعامل مع أنماط الفكر المختلفة. 

وكان ديوب من أشد المؤمنين بفكرة القارة الأفريقية الموحدة والقوية بما يكفي للدفاع عن تراثها وتعزيز قضيتها الإنسانية، وآمن بأنه لا يوجد استقلال سياسي دون استقلال حضاري وثقافي، وهو الأمر الذي لم يلق ترحيبًا من القوى الأفريقية والعربية اليمينية، بيد أنه تمكن من فرض احترامه وتقديره على مستوى العالم بسبب إسهاماته الفكرية ونشاطه الثقافي والسياسي الذي لا يسهل تجاهله أو مقاومته.

يعتبر كتابه (الأصل الأفريقي للحضارة) مرجعًا لا غنى عنه لأي باحثٍ جادٍّ في دراسة أصول حضارة وادي النيل، كونه قدم من الحجج الدامغة والدلائل المنطقية ما يثبت بما لا يدع مجالًا للشك زنجية منشأ الحضارة الإنسانية في وادي النيل، بعد أن درس علم الآثار والتاريخ والفيزياء وغاص في المراجع القديمة ينقب ويبحث السنين الطوال، ملتقطًا كل شاردة وواردة ومستدعيًا شهادات وإفادات المؤرخين المتحيزين فيهم والمحايدين، حتى استطاع بصبره أن يقدم لنا واحدًا من أفضل المراجع التاريخية في العصر الحديث عن حضارة وادي النيل.

لم يكن ديوب بعيدًا عن قضية الوحدة الأفريقية، بل كانت هدفه الأسمى، فجاءت أعماله وأفكاره تأكيدًا منه على مفهوم الهوية الأفريقية.

إن الحضارة الأفريقية وفق أنتا ديوب هي الأقدم، وهي التي أثّرت بشكل إيجابي في مختلف الحضارات دون أن تأخذ نصيبها من الاعتراف، وكان لمصر إسهام عظيم وفق ديوب في منطقة وادي النيل بأكملها، فلا يمكن إجراء المصالحة بين أفريقيا والتاريخ إلا بالعودة لتاريخ مصر القديم الذي أسسه الأجداد، حيث أصل الحضارة والثقافة والعلوم، وحيث العالم كله يدين في ازدهاره لحضارة الإنسان الأسود. 

عكست مؤلفات ديوب موسوعيته المعرفية وإلمامه بالعديد من مجالات المعرفة المختلفة، فقدم كتابه “نحو نهضة أفريقيا” مقالات في الثقافة والتنمية”، وهو مؤلف من 152 صفحة و11 فصلًا، كتبها ديوب وهو لا يزال طالبًا في فرنسا تناول فيه العلاقات اللغوية الأفريقية، وبين مواطن التشابه بين اللغات الأفريقية والمصرية القديمة، وتحدث فيه عن النهضة الأفريقية وشروطها استنادًا إلى أن اللغة مفتاح وشرط أساسي لنهضة الأمم الحقيقية، حيث وضّح الآثار الضارة الناتجة عن استخدام اللغات الأجنبية في وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والمدارس الأفريقية، وركز على ضرورة زيادة الوعي اللغوي والسياسي والاقتصادي والأفريقي لخلق علاقة عميقة الجذور مع التاريخ الأفريقي.

ترجم ديوب أجزاء من نظرية النسبية لأينشتاين إلى لغة الولوف، وبرع في دراسات التاريخ الأفريقي وعلم المصريات واللغويات والأنثروبولوجيا والاقتصاد وعلم الاجتماع، وكل ذلك من أجل التصدي لمهمة إعادة كتابة التاريخ الأفريقي، وكانت لمساته واضحة وجلية في سلسلة “تاريخ أفريقيا العام” التي أصدرتها اليونسكو.

يخاطب ديوب الإنسان الأفريقي قائلًا: “سوف تكتشف أن معظم الأفكار المستخدمة اليوم لتدجين، إضمار، تذويب، أو سرقة (روحك) قد جرى تصويرها بواسطة أسلافك، أن تكون مدركًا لهذه الحقيقة ربما تكون الخطوة الأولى لاسترداد حقيقي لنفسك، وبدون هذه الحقيقة فإن العقم الفكري سوف يكون هو القاعدة العامة.

حضارة مصر الفرعونية 

وجد ديوب ضالته في حضارة مصر الفرعونية واستنادًا إلى العديد من الحجج والأدلة الأنثروبولوجية والتاريخية واللغوية، قام ديوب بصياغة نظريته تحت عنوان “أصل المصريين” في كتابه تاريخ أفريقيا العام، وتناول ديوب أصل المصريين القدماء بالبحث والتحليل.

وبالعودة للعوامل الإنثروبولوجية واللغوية، وعقد المقارنات الدقيقة بين اللغة المصرية القديمة ولغات قبائل الولوف في السنغال ولغات قبائل أخرى، دخل أنتا ديوب المعركة من أوسع أبوابها؛ حيث لم يكن أحد هؤلاء الذين انحنوا سمعًا وطاعة بل كان صاحب قضية كبرى سعى طيلة حياته لتحقيقها.

وفي محاولة استرداد مجد أفريقيا المنهوب أعد ديوب العدة لحرب ضروس قام ديوب بتقديم أدلة جديدة تفيد بأن الإنسان الأسود، كان موجودًا منذ البداية في مصر ووادي النيل، وأنه كان سابقًا على وجود البيض هناك بآلاف السنين وقدم بحثًا في علم الأجناس، وبالاستعانة بأبحاثه التي أجراها في معمله بالسنغال حول (الميلانين – لون البشرة ) تمكن ديوب من تقديم أدلة حول ظهور الإنسان الأسود والأبيض في أرجاء العالم استنادًا لشهادة المؤرخ الإغريقي “هيرودوت” الذي سجل في ملاحظاته، ومشاهداته عند زيارته لمصر أن المصري كان صاحب بشرة سوداء داكنة، وهي شهادة تاريخية هامة وغير مجروحة دعمت حجج ديوب وأدلته.

قدم ديوب أدلة قاطعة وحية تعلقت بالمتحف المصري، وما يحويه وما يمكن ملاحظته بالعين المجردة عند التجوال بين المومياوات؛ حيث أكد أن العبقرية الهندسية والفن والإبداع ومنتجات علوم الكيمياء والفيزياء والفلك في مصر الفرعونية كلها أدلة على صحة أطروحته.

كان كتاب “الوحدة الثقافية لأفريقيا السوداء: مناطق سيادة النمط الأبوي وسيادة النمط الأمومي في العصور الكاسيكية القديمة”، أحد الكتب التي زلزلت الأوساط الأكاديمية والثقافية في العالم وبالاعتماد على أصول السلالات البشرية ومقارنة اللغات قدم ديوب سلسلة من الأدلة والبراهين لإثبات أسبقية الحضارة الأفريقية، وكونها أصل الحضارات الأوروبية.

وبالارتكاز على فكرة أن مصر الفرعونية كانت مجتمعًا أسود انطلق ديوب ليثبت في كتابه أن الإنسانية جمعاء تدين للجنس الأسود بالرجوع لأقدم حضارة من حضاراتها، وأن القارة السوداء كانت ولا تزال مركزًا حضاريًّا أصيلًا، وليست مجرد طرف من الأطراف التابعة للحضارات الأوروبية.

وفي سبيل إثبات أن الحضارة الأفريقية لا تقل عظمة عن نظيرتها الأوروبية، قامت فلسفة ديوب في أساسها على نظريتين؛ أولهما نظرية المهدَيْن والتي حاول بها إثبات المرجعية للقارة الأفريقية، وكيف أنها كانت المهد الأول للبشرية التي بدأت وفقًا لديوب في منطقة كينيا، وما حولها التي تضم إثيوبيا وتنزانيا وطول الخط إلى جنوب أفريقيا، والنظرية الثانية هي النظرية الفرعونية أو ما أسماه بالأصل الواحد للبشرية والتي تعني مرجعية القارة وشكل هويتها، وحاول ديوب من خلالها إثبات أن الحضارة المصرية القديمة هي حضارة زنجية سوداء.

وتحت عنوان “أصل المصريين” سعى ديوب لإثبات أن المصريين القدماء كانوا زنوجًا أو أشباه زنوج، وبحث عن أدلة جديدة لأصول الحضارة الأفريقية القديمة والمبادئ المشتركة لحضارة أفريقيا سعيًا للعودة بالإنسان الأفريقي لمجرى التاريخ بعيدًا عن التهميش والتجاهل.

تمكن ديوب من جمع كثير من الشواهد والأدلة التي تفيد بأن الحضارات الأفريقية هي منبع الثقافات الكبرى وأساسها كثقافة الإغريق والرومان، واستطاع تطوير طريقة استقصاء تعتمد على التحليل المقارن المتمحور حول الذات الأفريقية، حيث حازت حججه المؤيدة للأصل الأفريقي على قبول واسع النطاق بحكم ثرائه الفكري وقوة منطقه.

رأى ديوب أن المصريين القدماء لديهم نفس الصفات الجسدية، مثل الأفارقة السود الحديثة والتي تتمثل في (لون البشرة، نوع الشعر)، وأدى تفسيره للبيانات الأنثروبولوجية (مثل دور النظام الأم) والبيانات الأثرية إلى استنتاج أن الثقافة المصرية كانت ثقافة أفريقية سوداء. 

يقول في “الأصل الأفريقي للحضارة”: إن الحضارة المصرية كانت حضارة سوداء، إن تاريخ أفريقيا السوداء سوف يظل معلقًا في الهواء، ولا يمكن أن يكتب على النحو الصحيح إلى أن يتجرأ المؤرخون الأفارقة على ربطه بتاريخ مصر، إن المؤرخ الأفريقي الذي يتجنب مسألة مصر هو ليس بمتواضع أو موضوعي أو هادئ، إنما هو جاهل، جبان وعصبي”. 

تركز واحدة من أكثر قضايا ديوب إثارة للجدل حول تعريف من هو الشخص الأسود الحقيقي؛ فقد أصر ديوب على تفسير واسع مماثل لتلك المستخدمة في تصنيف السكان الأوروبيين على أنهم من البيض.

قوبلت فكرة ديوب حول وضع مصر ضمن السياق الأفريقي بمجموعة واسعة من الإدانات والرفض، حيث أدانها كثير من العلماء معتبرينها ضربًا من الخيال والأساطير التي خلطت بين العرق واللغة والثقافة معًا لتصل إلى استنتاج غريب. 

من جانبه رأى كل من روبرت أو. كولينز، أستاذ التاريخ السابق بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، وجيمس بيرنز، أستاذ التاريخ في جامعة كليمسون، إلى أن كتابات ديوب عن مصر القديمة ونظرياته، مراجعات عاطفية أسطورية، وقام الأكاديمي والمؤلف روبرت تود كارول بتلخيص كتاب ديوب باعتباره كتابًا كاذبًا.

في المقابل دعم عالم المصريات فرانك يوركو أفكار ديوب على أساس أن المصريين والإثيوبيين والصوماليين هم جميعهم سكان وادي النيل، وليسوا بحاجة إلى تقسيم تعسفي إلى مجموعات وقبائل بل إلى ما يجمع بينهم، وهو ما وجده في أفكار ديوب. 

يقول الدكتور حمدي عبدالرحمن -أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- إن إطلاق المصريين القدماء على أرضهم اسم “كيميت”؛ أي “الأرض السوداء” يعتبر أحد أهم الأدلة التي تدعم صدق ما ذهب إليه الشيخ أنتا ديوب.

ويوضح الدكتور عبدالرحمن أن المصريين القدماء قد صوروا مرور الشمس عبر السماوات، حيث يبدأ قارب الشمس صباحه أو صعوده الشرقي على الجانب الأيسر من ربة السماء نوت -التي هي بالتالي في الجنة الجنوبية- على الرغم من موقع مصر إلى الشمال، وهو ما يشير إلى توجه المصري القديم تجاه الجنوب والنظر صوب أرض أجداده.

لقد أكد ديوب على فكرة أن ثقافة مصر وأفريقيا السوداء لها مصدر مشترك، بدلاً من أن التأثير المصري كان في اتجاه واحد ولم يؤكد أبدًا -كما يزعم البعض- أن كل أفريقيا تتبع نموذجًا ثقافيًّا مصريًّا، فهو يرى أن مصر جزء مؤثر من “المهد الجنوبي” للحضارة، وهو تطور محلي قائم على وادي النيل.

لعل أبرز فكرة لدى ديوب هي إصراره على وضع شعوب وادي النيل في سياقهم المحلي والأفريقي، ورسم صورة لسكان قديمين مستقرين يستمدون قدرًا كبيرًا من الميراث الوراثي من هذا السياق، بدلاً من محاولات الانقسام، والتجمع، والتقسيم الفرعي، تحديد وإعادة تجميعها في سياقات أخرى؛ حيث أشار إلى أن المعارضين لفكرته أغلبهم يدعمون فكرة التمييز التي رفضها هو تمامًا حتى على المستوى اللغوي؛ حيث يرى أن استخدام المصطلحات مثل “البحر الأبيض المتوسط” أو “الشرق الأوسط”، أو أي تصنيف هي محاولات لاستخدام العرق للتمييز بين الشعوب الأفريقية .

وعلى الرغم من أن الشيخ أنتا ديوب كان مدافعًا شرسًا عن عمق وقوة وأثر الحضارة الأفريقية إلا أنه لم يسقط في مغالطة التفوق والعنصرية والدعوة للهيمنة، فهو لم يسع لإثبات تفوق حضارة على أخرى بل قامت نظريته على المجرى الطبيعي والحق الطبيعي لربط الثقافة الأفريقية بتاريخ الثقافات الأخرى وعرضها كونها أمتداد لها ومكمل وأساس.

إن المصالحة بين الجماعات البشرية والاعتراف بالمساهمة المتبادلة في الإرث الحضاري كان الشغل الشاغل لديوب، وكانت رسالته الإنسانية هي صهر الفروق ومحوها لعقد صلح كبير تتوازن فيه الحقوق والواجبات في العالم ويحفظ لكل ذي حق حقه.

كان ديوب أحد هؤلاء المفكرين الذين استشعروا أن علينا النضال ضد الأفكار الهدامة التي تشد المجتمعات إلى الوراء، وأول هذه الأفكار كانت فكرة الاضطهاد.

يقول: “هدفنا تعريف صورة أفريقيا الحديثة التي تتفق مع ماضيها من أجل إعدادها لمستقبلها، إن الكفاح المخلص الذي يدمر وحده العدوانية الثقافية ويظهر الحقيقة أيًّا كانت، هو الكفاح الثوري الذي ينسجم مع التقدم الحقيقي هو الطريق الوحيد الذي ينفتح على العالم، إن البيانات المحبة للإنسانية لم تدع لذلك ولم تضف شيئا للتقدم الحقيقي”.

سيظل الشيخ أنتا ديوب مرجعًا لا غنى عنه لأي باحث جاد في أصول حضارة وادي النيل، فقد حملت كتاباته أسس مدرسة كاملة جديدة للتاريخ الأفريقي.

وقبل أن تصعد روحه إلى السماء في فبراير 1986 استطاع ديوب أن يجبر الجميع على الانحناء أمام إسهاماته العظيمة، فكان واحدًا ممن ساهموا في إرجاع القارة السمراء إلى مجرى التاريخ الإنساني لتتلمس مكانتها الحقيقية، وتسترد وضعها وسط الحضارات الإنسانية العظيمة.

إدارة الصراع العرقي في أفريقيا : دراسة حالة مقارنة لنيجيريا وجنوب أفريقيا

إدارة الصراع العرقي في أفريقيا: دراسة حالة مقارنة لنيجيريا وجنوب أفريقيا

بواسطة
إيمي جودوين إيروبي

مايو 2005

المقدمة
يمكن أن تشبه نيجيريا وجنوب أفريقيا الكتاب المقدس آرون وموسى ، اللذين كلفا بمسؤولية إخراج إفريقيا من عبودية اليأس والتدهور والتخلف. كقوى إقليمية ، فرض التاريخ عليهم المهمة الهائلة المتمثلة في إيجاد حلول لبعض أكثر الشواغل الأفريقية إلحاحًا.

تواجه البلدان الأفريقية اليوم تحديات أكبر للسلام والاستقرار أكثر من أي وقت مضى. إن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، بما في ذلك سيراليون ، وساحل العاج ، وليبيريا ، وجمهورية الكونغو الديمقراطية ، هي مزيج متقلب من انعدام الأمن ، وعدم الاستقرار ، والمؤسسات السياسية الفاسدة والفقر. ومن المثير للقلق أن معظم هذه البلدان تفتقر إلى الإرادة السياسية للحفاظ على اتفاقات السلام السابقة ، وبالتالي سقطت فريسة للصراع العرقي المسلح المستمر. (مونتي مارشال ، 2003) ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم فعالية إدارة الصراع.

معظم الصراعات في هذه البلدان بين المجموعات العرقية وليس بين الدول. إذا لم يتم التحقق منها ، فإن النزاعات العرقية معدية ويمكن أن تنتشر بسرعة عبر الحدود مثل الخلايا السرطانية. كتب تيد جور ومونتي مارشال أن معظم النزاعات الأفريقية ناتجة عن مزيج من الفقر والدول والمؤسسات الضعيفة. (السلام والصراع ، 2001: 11-13 ؛ 2003)

تهدف هذه الورقة إلى المساهمة في البحث المستمر عن وسائل جديدة لإدارة الصراعات العرقية في أفريقيا. باستخدام نيجيريا وجنوب إفريقيا كدراسات حالة ، فإنه يقارن إدارة النزاعات العرقية في كلا البلدين ويظهر الصعوبات في إدارة الصراعات العميقة الجذور والمعقدة. اتخذت حكومتا نيجيريا وجنوب إفريقيا خطوات دستورية جريئة لتخفيف حدة التوتر ، لكن النزاعات العرقية والدينية المستمرة تثير تساؤلات حول فعالية هذه الآليات.

تقترح هذه الدراسة ، من بين أمور أخرى ، أن الصراع العرقي كان في صميم مشاكل التنمية في كلا البلدين. إن العرق المسيّس يضر بالوحدة الوطنية والرفاه الاجتماعي والاقتصادي. من المهم أن نلاحظ أن معظم هذه الصراعات العرقية كان سببها الاستعمار ، مما ضاعف من الصراع بين الأعراق من خلال الاستفادة من عزلة الجماعات العرقية. تم استخدام طريقة فرق تسد لتحريض العرقيات ضد بعضها البعض ، وبالتالي منع الناس من الانتفاض ضد المستعمرين. غالبًا ما كان توزيع الموارد الاقتصادية منحرفًا لصالح مجموعة معينة ، مما دفع الجماعات المهمشة إلى استخدام عرقها للتعبئة من أجل المساواة. هذه هي بذور الصراع.

هناك بعض أنماط الصراع الشائعة. يشملوا:

المطالبة بالاستقلالية العرقية والثقافية ،
تنافس المطالب على الأرض والمال والسلطة
الصراعات الدائرة بين الجماعات العرقية المتنافسة.
المناهج النظرية للعرق والصراع العرقي
تُعرَّف المجموعات العرقية على أنها مجموعة من الناس الذين يشتركون في الخصائص الثقافية واللغوية بما في ذلك التاريخ والتقاليد والأساطير والأصل. يحاول العلماء تطوير نهج نظري للعرق والنزاع العرقي لفترة طويلة. يتفق البعض ، مثل دونالد هورويتز ، وتيد جور ، ودونالد روتشيلد وإدوارد عازار ، على أن النزاعات العرقية التي تشهدها اليوم – خاصة في إفريقيا – متجذرة بعمق. أصبحت هذه النزاعات حول العرق والدين واللغة والهوية معقدة للغاية بحيث يصعب حلها أو إدارتها. العرق له تأثير قوي على وضع المرء في المجتمع. وبالتالي ، غالبًا ما تحدث النزاعات العرقية بسبب محاولة تأمين المزيد من السلطة أو الوصول إلى المزيد من الموارد. رأي هذه الدراسة هو أن الصراع في أفريقيا مرادف لعدم المساواة. أينما يتجلى هذا التفاوت بين الجماعات ، فإن الصراع أمر لا مفر منه. ومن هنا السؤال ، كيف يمكننا إدارة الصراع العرقي في إفريقيا بشكل فعال لتجنب المزيد من الخسائر البشرية؟ هل هناك مخطط لإدارة الصراع؟

أسباب الصراع العرقي
وقد تم تحديد العوامل الاقتصادية باعتبارها أحد الأسباب الرئيسية للصراع في أفريقيا. يعتقد المنظرون أن التنافس على الموارد النادرة هو عامل مشترك في جميع النزاعات العرقية تقريبًا في أفريقيا. في المجتمعات المتعددة الأعراق مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا ، تتنافس المجتمعات العرقية بعنف على الملكية والحقوق والوظائف والتعليم واللغة والمرافق الاجتماعية ومرافق الرعاية الصحية الجيدة. في دراسته ، أنتج Okwudiba Nnoli (1980) أمثلة تجريبية تربط بين العوامل الاجتماعية الاقتصادية والصراع العرقي في نيجيريا. وفقًا لـ JS. فرنفال ، التي ورد ذكرها في ننولي (1980: 72-3) ، “إن عمل القوى الاقتصادية يجعل التوتر بين المجموعات ذات المصالح المتنافسة”.

في حالة جنوب أفريقيا ، يؤكد جيرهارد ماري أن الإثنية والنزاع العرقي يبدو أنهما استجابة للتطور غير المتكافئ في جنوب أفريقيا ، مما دفع الجماعات العرقية (Xhosas ، Zulus وحتى Afrikaners) للتعبئة للتنافس على الموارد على أسس عرقية. ويترتب على ذلك أن البلدان متعددة الأعراق من المرجح أن تواجه صراعات التوزيع.

والسبب الرئيسي الآخر للصراع العرقي هو علم النفس ، وخاصة الخوف وانعدام الأمن من الجماعات العرقية خلال الفترة الانتقالية. لقد رأينا أن المتطرفين يبنون على هذه المخاوف لاستقطاب المجتمع. بالإضافة إلى ذلك ، فإن ذكريات الصدمات السابقة تضخم هذه المخاوف. تنتج هذه التفاعلات عنانًا من الشك والريبة مما يؤدي إلى العنف العرقي. كان الخوف من الأفارقة البيض في جنوب إفريقيا عشية الانتخابات الديمقراطية حالة جيدة.

تقدم نظرية الحرمان النسبي لغور (1970) تفسيراً مبنياً على وصول الجماعات العرقية إلى السلطة والموارد الاقتصادية. ويرتبط هذا ارتباطًا وثيقًا بهورويتز (1985) الذي كتب أن قيمة المجموعة تستند إلى نتائج المسابقات الاقتصادية والسياسية.

وفقًا لـ Lake and Rothschild ، (1996) ، يعد الصراع العرقي علامة على دولة ضعيفة أو دولة متورطة في الولاءات القديمة. في هذه الحالة ، تعمل الدول بشكل متحيز لصالح مجموعة أو منطقة عرقية معينة ، والسلوكيات مثل المعاملة التفضيلية تغذي الصراعات العرقية. لذلك ، في الحالات السياسية الحرجة أو الصعبة ، تعتمد فعالية الحكم على قدرته على معالجة القضايا الاجتماعية والاحتياجات البشرية.

في الآونة الأخيرة ، توصل العلماء إلى مناهج مختلفة لتصور العرق. في مواجهة انتشار الصراعات الانفصالية في أمريكا الشمالية ، يتم الكشف عن أوجه القصور الكامنة وراء نظرية التحديث. فكرة أن الحداثة ستؤدي إلى انتقال سلس من gemeinschaf (المجتمع) إلى gessellschaft (جمعية) ، مع الانحلال التدريجي للانتماءات العرقية ، لم تنجح ببساطة. استمرت العرق في أمريكا الشمالية وأفريقيا وأماكن أخرى. يعني هذا الفشل ببساطة أن العرق سيبقى ، وأن استقرار الدول الإفريقية ليس مهددًا بسبب العرق في حد ذاته ، ولكن فشل المؤسسات الوطنية في الاعتراف بالخلافات والمصالح العرقية واستيعابها. ووفقًا لهذه الحجة ، فإن الدرس المستفاد من إدارة الصراع العرقي هو أنه يجب على الحكومات عدم التمييز ضد الجماعات أو أنها سوف تخلق الصراع.

النظرية الثانية من المدرسة البدائية وتشدد على تفرد الهوية العرقية وأهميتها. من وجهة نظرهم ، العرق هو سمة بيولوجية وثابتة للأفراد والمجتمعات. (غيرتز ، 1963)

النهج النظري الثالث هو حجة العازف. (Barth.1969، Glazer and Moynihan، 1975) في أفريقيا حيث أصبح الفقر والحرمان متوطنين ، في الغالب نتيجة للظلم التوزيعي ، تبقى العرق وسيلة فعالة للبقاء والتعبئة. الجماعات العرقية التي تتشكل لأسباب اقتصادية ، تتفكك بسهولة بعد تحقيق أهدافها. هذا يتوافق مع حجة بنديكت أندرسون (1991: 5-7) بأن العرق “بناء” وليس ثابتًا.

بالإضافة إلى ذلك ، تحول اهتمام العلماء أيضًا إلى طبيعة الصراع العرقي والعنف لأن فترة ما بعد الحرب الباردة اتسمت بعودة الصراع العرقي وحتى الإبادة الجماعية في بعض المجتمعات مثل رواندا والبوسنة وزائير.

نظرية مهمة حول الصراع وإدارة الصراع هي نظرية جون بيرتون (1979 ، 1997) للاحتياجات البشرية. يوضح هذا النهج للصراع العرقي أن الجماعات العرقية تقاتل لأنها لا تُحرم من احتياجاتها البيولوجية فحسب ، بل أيضًا من الحاجات النفسية التي تتعلق بالنمو والتطور. يشمل ذلك حاجة الناس للهوية والأمن والاعتراف والمشاركة والاستقلال الذاتي. تقدم هذه النظرية تفسيراً معقولاً للصراعات العرقية في إفريقيا ، حيث لا تلبي الأنظمة غير الديمقراطية هذه الاحتياجات بسهولة.

تركز هذه الورقة على نظرية جون بورتون لشرح الصراع العرقي في نيجيريا وجنوب أفريقيا ، لأنها قدمت أسبابًا مقنعة للصراعات في دراسات الحالة. (بورتون 1979) تم تقديم نظرية الاحتياجات البشرية لكشف النظريات الأخرى التي تنسب أسباب الصراع إلى الطبيعة العدوانية الفطرية للبشر. (John Burton 1990) إن أهمية هذه النظرية في إدارة الصراع العرقي في إفريقيا هي أنها تتجاوز النظريات التي تلقي باللوم على الصراعات الأفريقية في الماضي البدائي. بدلاً من ذلك ، يشير إلى المؤسسات غير الفعالة غير القادرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لمواطنيها. حيثما لا تتم تلبية هذه الاحتياجات غير القابلة للتداول ، فإن النزاع أمر لا مفر منه. من الواضح أن مشكلة العرق في أفريقيا تعتمد إلى حد كبير على مستوى فعالية الدولة والمساءلة والشفافية في التعامل مع متطلبات التنوع. لا يعني التركيز على نظرية الاحتياجات البشرية في هذه الدراسة إهمال نظريات أخرى ، والتي أعتبرها مفيدة بنفس القدر.

من الضروري التأكيد على أن التحليل الصحيح للصراعات العرقية مهم للغاية لتجنب وصف دواء خاطئ للمرض. إن الفشل في إيجاد حلول للمشكلة العرقية لأفريقيا سيكون له عواقب اجتماعية واقتصادية مدمرة على قارة تمزقها بالفعل الصراعات والفقر والمرض.

وفقًا للمنظرين ، تعني إدارة الصراع التعامل البناء مع الاختلافات. إنه فن تصميم المؤسسات المناسبة لتوجيه الصراع الحتمي إلى القنوات السلمية. لا يمكن المبالغة في أهمية إدارة الصراع. عندما يفشل القادة والدول في معالجة القضايا الهامة والاحتياجات الأساسية التي يولدها العنف. لا يوجد مكان لإدارة الصراع والحل السلمي للصراع أكثر أهمية من أفريقيا. يجب على القادة الأفارقة إلقاء نظرة ثانية على سلوكهم وخياراتهم السياسية. يجب أن يكون التركيز هنا على تثبيط الفساد ، وتبني الشفافية والحكم الرشيد.

منهجية

أجرت هذه الدراسة تحليلا مفصلا لمعظم الصراعات العرقية التي أفسدت مؤخرا نيجيريا وجنوب أفريقيا. ومع ذلك ، لا تدعي هذه الورقة أن لديها الحل للتهديد الذي يشكله الصراع العرقي في أفريقيا ؛ إنها مساهمة متواضعة في الخطاب. بدأ هذا التحليل بفحص الأسئلة التالية:

مصادر الصراعات العرقية ،
المشاركون والقضايا المطروحة ،
السياسات والمؤسسات المستخدمة لإدارة الصراعات ،
نجاح السياسة والمؤسسات و
الحاجة إلى آليات بديلة لإدارة مثل هذه الصراعات المعقدة.
في هذا التحليل ، تم اختيار طريقتين متعدد التخصصات لفهم ديناميات الصراعات العرقية في نيجيريا وجنوب أفريقيا:

ويعتقد أن مقارنة أنماط إدارة الصراع العرقي قد توفر فهمًا أفضل للتعقيدات والآليات المتاحة لضمان الانسجام العرقي والسلام. تركز دراسة مقارنة لنيجيريا وجنوب أفريقيا على تحديد نقاط المشاكل العرقية السياسية وبعد ذلك تقييم التشابه أو الاختلافات في نهج إدارة الصراع وفعاليته في تأمين التعايش العرقي.
ثانياً ، المنهجية التاريخية وثيقة الصلة في ضوء حقيقة أن مشاكل اليوم لها تاريخ طويل يتطلب النظر إلى التطورات المعاصرة في نيجيريا وجنوب أفريقيا من خلال عدسة الماضي.
تفترض هذه الورقة أن التفاوتات السياسية والاقتصادية الكبيرة الموجودة في كلا البلدين قد ساهمت في التحيز العرقي. ولكن هذا يتطلب تحليلاً شاملاً للسياسات السياسية والاقتصادية الكامنة وراء التدابير الحكومية لمعالجة عدم المساواة والفقر.

فرضية

تتمحور هذه الدراسة حول فرضيتين رئيسيتين.

أولاً ، الصراع أمر لا مفر منه في أي مجتمع يُحرم فيه الناس من احتياجاتهم الإنسانية الأساسية للهوية والمساواة والاعتراف والأمن والكرامة والمشاركة. ومن المحتمل أيضًا أنه حيثما يُعتقد أن أداء الحكومة يتعارض مع المصلحة الوطنية وحيث تكون سياسة الحكومة متحيزة لصالح مجموعة عرقية معينة.
ثانيًا ، كانت جنوب إفريقيا “بوتقة” أكثر نجاحًا من نيجيريا لأن الصراع العرقي يُرجح أن يُدار في بلد يتمتع بنمو اقتصادي معقول.
مقارنة سياقية بين نيجيريا وجنوب أفريقيا
هناك أسباب وجيهة لاختيار نيجيريا وجنوب إفريقيا كدراسات حالة. على الرغم من البلدان باستثناء البلدان ، فهي عمالقة إقليمية. لديهم قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية كبيرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ينعم البلدان على حد سواء بفسيفساء من الأعراق والأعراق ، وهو رصيد للتنمية الوطنية والاقتصادية.

في حالة جنوب إفريقيا ، تم استقطاب أكثر من 40 مليون شخص في البلاد منذ فترة طويلة على أسس عرقية. تتكون البلاد من البيض والأفارقة الأصليين والملونين والهنود. ويشكل السود غالبية السكان بحوالي 30 مليون نسمة ، والبيض 5 ملايين ، ويشارك الملونون والهنود 3 ملايين. في جنوب إفريقيا ، يتم تحديد الفصل على أساس العرق ، مع وجود السود في أسفل السلم. في الماضي ، كان الأفارقة الأصليون يجبرون على العيش في “أوطان” عرقية فقيرة ومعزولة في ظل نظام الفصل العنصري. يوجد في البلاد حوالي 11 مجموعة لغوية ، لكن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية.

يبلغ عدد سكان نيجيريا 120 مليون نسمة ، وهي أكثر دول أفريقيا سكانا. فهي موطن لـ 250 مجموعة لغوية ، لكن اللغة الإنجليزية هي أيضًا اللغة الرسمية النيجيرية المختارة. على الرغم من أن معظم المجموعات العرقية صغيرة للغاية ، إلا أن ثلاث مجموعات عرقية تشكل في مكان ما بين 60 و 70 في المائة من السكان. تمثل مجموعات الهوسا فولاني العرقية 30 في المائة من السكان ، واليوروبا حوالي 20 في المائة وإيغبوس حوالي 18 في المائة. لا تختلف هذه المجموعات العرقية الرئيسية الثلاث عن طريق المنطقة فحسب ، بل أيضًا عن طريق الدين وأسلوب الحياة.

نيجيريا وجنوب أفريقيا كلاهما مجتمعات طبقية. ومع ذلك ، فقط في جنوب أفريقيا كان العرق الأبيض هو المهيمن على الغالبية الأفريقية. كما سنكتشف من هذه الدراسة ، عززت العنصرية والتمييز واللغة والتاريخ والثقافة المؤسسية المسافة بين جنوب إفريقيا ونيجيريا. تم تشكيل البلدين من خلال الافتراضات والتعاريف التي فرضها الحكام البريطانيون. قدم الحكم الإمبراطوري البريطاني في كلا البلدين الهويات واللغات والرموز للمجموعات العرقية والعرقية. كانت العنصرية الاستعمارية مسؤولة عن خلق انقسامات عرقية وتشجيع الإقليمية والانفصالية ، التي فصلت الأجناس والمجموعات العرقية.

في جنوب إفريقيا ، على سبيل المثال ، عمقت سياسات المستعمرين الاختلافات بين زولوس و Xhosas و Ndebele و Vendas و Tswana و Qwaqwa ، إلخ. أيضًا ، تم فصل أولئك الذين ينتمون إلى العرق المختلط عن المجموعات البيضاء من خلال الثقافة والإقامة والمهنة والوضع. وقد أفادت هذه الخلافات النخبة بإثارة الصراع. (انظر Horowitz ، 1985 ؛ Mare ، Gerhard ، 1993)

حالة نيجيريا متشابهة ، باستثناء التجمعات العرقية. لا توجد أعداد كبيرة من الأشخاص الملونين أو البيض في نيجيريا. بدلاً من ذلك ، هناك مجموعات عرقية أصلية تم تشجيعها على الفصل من قبل المستعمرين. كانت استراتيجية فرق تسد واضحة في التصميم الذي أبعد الجماعات العرقية عن بعضها البعض في مناطق منفصلة تسمى “Sabongari” في شمال نيجيريا و “Abakpa” في الجزء الشرقي من البلاد. أدى هذا الترتيب إلى صراع عنيف عندما اضطرت الجماعات العرقية المختلفة للتنافس على الموارد النادرة.

في كلا البلدين ، تضيف عملية التحديث التوتر إلى المجتمعات المنقسمة أصلاً. كما هو الحال في معظم دول العالم الثالث ، هناك انقسامات كبيرة في المجتمع مثل هذه المشاكل الهائلة الحالية للحكومات التي تحاول الحفاظ على الانسجام العرقي أو ترسيخه وتعزيز التنمية الاقتصادية.

شمل صراع جنوب أفريقيا زولوس و Xhosas ، أنصار المؤتمر الوطني الأفريقي في وطن كوازولو ناتال. وقعت نزاعات مادية قليلة بين مجموعات الأقلية البيضاء المهيمنة والأغلبية العرقية. ويرجع ذلك جزئياً إلى استراتيجية العزل الحكومية التي أبعدت السود عن المدن البيضاء. ومع ذلك ، كان هناك مستوى عال من الصراع العنيف بين الجماعات العرقية السوداء في الأوطان. في ناتال وحدها ، قتل أكثر من 1147 شخصًا خلال الأشهر الأولى من عام 1992 (نيويورك تايمز ، 18 نوفمبر 1992: A6).

كان الصراع في نيجيريا ، وخاصة من عام 1967 إلى 1970 ، مختلفًا نوعًا ما عن الصراع في جنوب إفريقيا. في نيجيريا ، الهويات العرقية مختلطة للغاية بحيث لا توجد منطقة أو دولة محصنة ضد العدوى. شملت الصراعات الرئيسية هوسا فولاني وإيبوس الشرقية ويوروبا وهوسا ، وهما أقليتا الولايات المنتجة للنفط في الجنوب.

تعد كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا من بين الأغنى في القارة من حيث الموارد الطبيعية. يمكن لنيجيريا أن تتباهى بزيوتها وفحمها وصفيحها وبوكسيتها وذهبيتها. جنوب إفريقيا غنية بالذهب والماس والمعادن الإستراتيجية الأخرى. لسوء الحظ ، لم يستفد معظم سكان جنوب إفريقيا من هذه الثروات بسبب العنصرية والفصل العنصري. لكن هذا لا يستبعد وجود قطاع أعمال خاص قوي ومتنوع وطبقة وسطى كبيرة تضم بعض السود. على الرغم من أن اقتصاد جنوب إفريقيا ليس بصحة جيدة ، إلا أنه لا يزال لديهم نظام مالي متطور للغاية ، وبنية تحتية للاتصالات تتسم بالكفاءة إلى حد ما ، والطاقة ، وإمدادات مياه موثوقة ، وطرق ، ونظام للإدارة العامة ، يعاني من المحسوبية والفساد ، ولكن لا يزال تسليم للمواطنين.

في نيجيريا ، لم تشعر غالبية السكان ، ولا سيما سكان المناطق المنتجة للنفط في دلتا النيجر في الجنوب ، بأثر عائدات النفط بسبب الفساد والتمييز وسوء الإدارة الاقتصادية. بعد الاستقلال ، تدخلت الحكومة النيجيرية بشكل كبير في جميع مجالات الحياة الاقتصادية بتكلفة كبيرة للقطاع الخاص والنمو الاقتصادي بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك ، فإن العرق والحكومة المركزية والنخبة الحاكمة الفاسدة تطغى على الحياة في نيجيريا. إن انقطاع التيار الكهربائي المتواصل في المدن النيجيرية والافتقار إلى مياه الشرب الجيدة وأنظمة الاتصالات والطرق الموثوقة تعقّد الحياة في أكثر دول إفريقيا سكانا وغنى. ومن هنا الأسئلة ، أين دخل نيجيريا من النفط؟ أين القيادة النيجيرية؟

إن كلا من نيجيريا وجنوب إفريقيا ، بعد أن اختتمت عملية انتقال صعبة للحكم الديمقراطي على مفترق طرق. يتحمل كلا البلدين مسؤولية توجيه القارة بعيداً عن قمع الحكومات الاستبدادية نحو مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحكم الرشيد. ومن المثير للاهتمام أن البلدين مدفوعان أيضًا باستراتيجيات سياسية مماثلة لإدارة الصراع من خلال المصالحة الوطنية وبناء التوافق والتنمية الاقتصادية. إن العمليات المزدوجة للتحول والتحول لا تحتاج إلا إلى اقتصاد نابض بالحياة يتم فيه تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين. كما أنهم يحتاجون إلى دولة ومجتمع لديهم شعور بالمصير المشترك حيث يتم تسخير الهويات العرقية والإثنية بشكل إيجابي كقوة موحدة بدلاً من عامل انقسام أو عائق أمام بناء الأمة. في جنوب أفريقيا ، ربما تم تجنب احتمالية وقوع كارثة بحكمة نيلسون مانديلا. ومع ذلك ، فإن ما سيصبح لحكومة الرئيس الحالي ثابو مبيكي لا يزال غير معروف. الآن ، كل الأنظار تتجه إلى الرئيس النيجيري ، أولوسيجون أوباسانجو ، وحزبه لإظهار قدر من القدرة أيضًا.

في عملية الانتقال في جنوب إفريقيا ، ساعدت كاريزما مانديلا المؤتمر الوطني الأفريقي على متابعة مسار التفاوض والإقامة وبناء الثقة لإدارة مشكلة التنوع العرقي ، على الرغم من أن بعض البيض في جنوب إفريقيا لا يزالون يشكون من تفضيل الحزب المهيمن بعد فوز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الانتخابي الثاني عام 1999. ومع ذلك ، فإن عيوب حزب الشعب الديمقراطي الحاكم (PDP) في نيجيريا واضحة في عملية الانتقال الديمقراطي في نيجيريا. لقد تحدى شعب جنوب إفريقيا نمط ماضيه وكسر جميع قواعد النظرية الاجتماعية لصياغة روح قوية للوحدة من دولة محطمة. (فالدمير وم. هولمان ، 1994) ولكن في نيجيريا ، لا يزال السياسيون يخرجون النيران المتزايدة للصراعات العرقية والعنف الديني. ويرجع ذلك جزئياً إلى افتقار الحكومة للإرادة وجزئياً إلى الجيش ، الذي كان حجر عثرة في الانتقال إلى الديمقراطية لبعض الوقت. غالبًا ما كان الدكتاتوريون في نيجيريا يرتدون الأزياء العرقية ويستغلون انتهازية السياسيين ، وبالتالي كانوا قادرين على استخدام العرق للتلاعب في عملية الانتقال وإسكات خصومهم. لم تكن مجموعات حقوق الإنسان التي حاربت نظامي بابانغيدا وأباشا مستعدة للسياسة الانتخابية. وبالتالي ، تسير نيجيريا نحو الديمقراطية مع مجتمع مدني ضعيف ، خوفًا من عمليات الاستحواذ العسكرية المستقبلية.

بالمقارنة ، يُعتقد أن المجتمع المدني في جنوب إفريقيا أكثر دعمًا للديمقراطية من نيجيريا. يستوعب مجتمع جنوب إفريقيا المنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية وجماعات حقوق الإنسان. إنهم يلعبون دورًا مهمًا للغاية في ربط الأنشطة البيروقراطية الرسمية بمصالح الشعب. وعلى النقيض من ذلك ، فإن ما ظهر في نيجيريا خلال الفترة الانتقالية هو الجمعيات العرقية المتشددة ، مثل حركة شعوب الأودوا لليوروبا ، ومجموعة أريوا لهوسا-فولانيس ، وحركة تحقيق دولة بيافرا السيادية (MOSOB) لإيغبوس . على عكس المجتمع المدني الحقيقي ، تعمل هذه المنظمات المتشددة مثل البلطجية السياسية ، ونادراً ما تدعم المبادئ الديمقراطية.

السوابق التاريخية لمشكلة الصراع العرقي في نيجيريا وجنوب أفريقيا
لكل من نيجيريا وجنوب إفريقيا تاريخ مزعج للاستعمار والقمع الأبيض ، مما ولّد الكراهية والصراع بين المجموعات العرقية المختلفة. لقد كانت مهمة معالجة بذور الصراع هذه التي زرعها البريطانيون مهمة معقدة.

بعد إضعاف الممالك الأفريقية وإعادة ترتيب المجتمعات ، فشلت القوى الاستعمارية في بناء الأمة وتوفير الاحتياجات الأساسية للناس. وبالتالي ، زاد الفقر ومعه الصراع على الموارد النادرة. أصبحت جنوب إفريقيا جمهورية متحدة في عام 1910. وبعد أقل من أربع سنوات ، تم أيضًا دمج المحميات الجنوبية والشمالية في نيجيريا في دولة. في جنوب إفريقيا ، جاء إنشاء الجمهورية بعد اتفاق السلام 1902 الذي تم التوصل إليه مع البوير بعد حرب الأنجلو-بور الشائنة. وفي الوقت نفسه ، تم دمج مستعمرات منفصلة في دولة نيجيريا بقوة دون موافقة الشعب. كانت هذه بذرة صراع رئيسية لا تزال تزعج نيجيريا اليوم.

الحالة الأولى: جنوب أفريقيا
في جنوب إفريقيا ، جعلت العنصرية من المستحيل على الأفارقة الأصليين التمتع بثمار التحديث. كان الحكام البيض الذين اعتبروهم مجرد “شوكة في جسدهم” يميزون باستمرار ضد الزولو والزوسا والمجموعات العرقية السوداء الأخرى. كشفت الفترة بين عامي 1910 و 1947 كيف عززت العنصرية الاقتصادية هياكل الهيمنة البيضاء وحرمان واستغلال السود. وقد تم ذلك من خلال التشريعات العنصرية ضد الأغلبية السوداء. أجبرت هذه القوانين الأفارقة على إخلاء المدن الكبرى والانتقال إلى المستوطنات النائية في جزء فقير من البلاد. في عام 1912 ، تمردت النخب الأفريقية بتشكيل المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) ، الذي كان يهدف إلى تمثيل الحقوق الأفريقية السوداء والدفاع عنها.

حرم السود في جنوب إفريقيا من حقوقهم في امتلاك الأرض من خلال سن قانون الأرض السوداء لعام 1913. منع هذا التشريع السود من إنتاج الغذاء لأنفسهم ومن كسب المال من خلال الزراعة. كما نظمت الحكومة سوق العمل ، واحتفظت بالعمالة الماهرة للبيض فقط وحرمت العمال الأفريقيين السود من الحق في تنظيم وتشكيل النقابات. وأخيرًا ، منعت قوانين المرور السود من التنقل بحرية بين الأوطان والمدن ، مما يمهد الطريق لإدخال نظام الفصل العنصري.

يجب التأكيد هنا على أن سياسات الفصل أو التمييز تثير الصراع. لكن حكومة جنوب إفريقيا ، التي أعمتها الألوان ، كانت غافلة عن العواقب المستقبلية لخياراتها. أشار القمع الوحشي لإضرابات العمال السود في وقت مبكر عام 1922 إلى أن البيض كانوا عازمين على ترسيخ الحدود بينهم وبين الأفارقة الأصليين.

كان لانتصار الحزب الوطني اليميني العنصري (NP) في عام 1948 وإدخال نظام الفصل العنصري أهمية كبيرة لتاريخ الصراع العرقي في جنوب أفريقيا. عزز انتصار الحزب القومي الإفريقي المصالح البيضاء على الساحة السياسية والاقتصادية. عزز الحزب الوطني القوانين التمييزية ودافع عن الاعتقاد بأن الأفارقة كانوا أدنى مرتبة بيولوجياً وثقافياً من البيض وغير قادرين على إدارة شؤونهم الخاصة. كان نظام الفصل العنصري بمثابة استراتيجية فرق تسد التي حدت من حركة السود والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد ، مما وضعهم في وضع غير مؤاتٍ.

لم تأخذ حكومات البلدان التالية في الاعتبار الاحتياجات الأساسية للسكان الأفارقة عندما أنشأت الأوطان تحت ذريعة الحفاظ على السلطة الوطنية. (Leroy Vail 1989) وفقًا لمزالا (1988: 77) ، كانت خطة الإدارة المنفصلة للأوطان تهدف إلى “الانتقام داخل الإطار الاستعماري لجنوب إفريقيا. كانت محاولة لاستبعاد الأغلبية السوداء من دورها في الإدارة من بلادهم “.

تم تصميم الأوطان أو “بانتوستانس” (إيفان إيفانز 1997) لإبعاد الأفارقة عن ثمار التنمية الاقتصادية في البلاد وجعلتهم مصادر للعمالة الرخيصة للصناعات المملوكة للبيض. هؤلاء البانتوستانات مثل كوازولو ناتال ، كوانديبيلي ، بوفوثاتسوانا ، وليبوا حيث يتميزون بشكل رئيسي بالفقر ، والاكتظاظ السكاني ، والتخلف والإحباط (David Chanaiwa ، 1993: 258-9). سيطرت العنصرية المؤسسية والفصل العنصري على حياة السود مما تسبب في معاناة كبيرة ، وفقر ، ويأس ومرض في الأوطان. لأن الخيارات السياسية السيئة والحرمان من الاحتياجات الأساسية للناس هي بذور الصراع ، فقد شهدت حكومة جنوب أفريقيا نتيجة لذلك ، إضرابات منظمة من قبل أعضاء المؤتمر القومي الأفريقي المحظور ، ومؤتمر النقابات العمالية الجنوب أفريقية (COSATU) بدعم من اتحاد الحزب الديمقراطي (UDF). ازداد العنف أيضًا بين عامي 1976 و 1980 في البلدات السوداء في جوهانسبرغ وسويتو ، حيث كان الشباب وأطفال المدارس يحاولون جعل البلدات غير قابلة للحكم (انظر John Kane-Berman، 1993: 29-31). أجبر قمع الشرطة الوحشي وإغلاق المدارس العديد من الشباب على الفرار من البلدات والانضمام إلى الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي المحظور حيث واصلوا النضال من أجل التحرير.

جعل الفصل العنصري حياة السود صعبة للغاية في مواجهة الندرة المتزايدة في الأوطان. تم تنافس القليل الذي تم اختراقه بشدة وأصبح في معظم الحالات وسيلة لبناء المحسوبية للنخب. يعتقد العلماء أن حاكم الزولو التقليدي ، الرئيس مونغوسوثو بوتيليزي وحركة إنكاثا للحرية يمثلان مثالًا جيدًا على كيفية إساءة استخدام الموارد لشبكات المحسوبية في وطنه كوازولو (Mzala، 1987؛ Gerhard Mare.1993). انحرف توزيع الموارد في هذا الوطن لصالح أولئك الموالين للرئيس ، بينما تم تهميش أعضاء الجماعات العرقية الأخرى الذين عاشوا في المنطقة. ووفقًا لمارع (1993: 41) ، فإن هذه الاستراتيجية "تهدف إلى إخفاء المصالح الطبقية لرواد الأعمال الثقافيين ، والورق حول الطبقات الأفقية مثل تلك الخاصة بالطبقة والجنس ، من خلال نوع من الشعبية العرقية ؛ وتعزيز المصالح الطبقية من تعبئة ". انكاثا كونها مجموعة ثقافية وكذلك حزب سياسي يسيطر على رجال الأعمال والمهنيين من الطبقة المتوسطة. (انظر: Mar and Hamilton، 1987: 59-60) لم يخف الزعيم بوتليزي نيته للسيطرة على القوة الاقتصادية والسياسية في الوطن. استدعى العلامات العرقية (Gerhard Mare 1993: 14-15) مثل اللغة والنسب المشتركة والثقافة والتقاليد لإنشاء حدود بين Inkatha والمجموعات العرقية الأخرى.

لم يكن سلوك الرئيس بوتليزي مقبولاً لدى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي لم يعجبه تعاون الرئيس مع قيادة الفصل العنصري وطموحه المتنامي في اغتصاب قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي من خلال الزعم بأنه زعيم الرأي الأسود في جنوب أفريقيا. كان الرئيس بوتليزي في السابق عضوًا في جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قبل طموحه الصريح لاقتحام دولة زولو ، كوازولو نات ، تسبب في إقالته من الحزب. (انظر جيرهارد ماري ، 1993) بالإضافة إلى ذلك ، كانت سياسة الرئيس تعارض الكفاح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ضد حرمان السود وحكم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

قسمت أنشطة إنكاثا وتعاونها الوثيق مع حكومة الفصل العنصري المعارضة السوداء ضد نظام الفصل العنصري ، وبالتالي تقوية الحكومة وسياساتها القمعية. تم استخدام الزعيم بوتليزي وحركته كدمى من قبل دولة الفصل العنصري في حربها ضد حركات التحرير. محاولة الرئيس بوتليزي للتأثير على سكان المدينة ، (جيرهارد مار ، 2000: 66) بعضهم لم يلتزموا بخطابه ، صعدت الصراع العرقي الذي اجتاح العديد من البلدات السوداء في جنوب أفريقيا في أوائل الثمانينيات حتى الجزء الأخير من التسعينات . من خلال اختراق والتأثير على أنشطة الجمعيات والنوادي العرقية في البلدات ، خلق إنكاثا والرئيس بوتيليزي الصراع حيث بدأ السود في رؤية منافستهم على الموارد النادرة مثل الوظائف والمرافق الاجتماعية والتعليم من المنشور العرقي.

يمكن ربط الأسباب المباشرة للصراع بارتفاع معدل الفقر والبطالة وتسييس كل جزء من الحياة في الأوطان. من المناسب أن نضيف أن هذه الظروف الاجتماعية ساعدت في كثير من الأحيان رجال الأعمال العرقيين على تعبئة مجموعات معينة ضد المجموعة الأخرى. أعطيت الصراعات التي يطلق عليها عادة “السود على الصراعات السوداء” دلالة عرقية من خلال الخطاب القادم من معسكر Inkatha. خلق هذا الصراع حدودًا جامدة بين الزولوس وال Xhosas وكثف المذبحة البشرية والدمار في البلدات.

يجب الاعتراف بأن حكومات جنوب إفريقيا المختلفة منذ عام 1983 حاولت إيجاد حل للعنف ، لكن جهودها كانت تجميلية لأنها كانت متحيزة تجاه إنكاثا والأفريكان البيض. علاوة على ذلك ، مزاعم نيلسون مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأن حكومة جنوب إفريقيا كانت تقدم الدعم اللوجستي والمسلح لحزب إنكاثا قد زعزعت الثقة من أي جهود تبذلها الحكومة لفصل الجماعات المتحاربة. لم تستطع الحكومة التي تضطهد أغلبيتها التفاخر بوجود مؤسسات فعالة لإدارة الصراع ، ونتيجة لذلك ، تصاعد الصراع. أدى الصراع العرقي الذي تلا ذلك إلى مقتل العديد من الأشخاص وتدمير الممتلكات حتى عام 1990 عندما بدأت عملية التحول الديمقراطي.

لقد تطلب الأمر جرأة وحكمة الرئيس إف دبليو دي كليرك في التسعينات لإدخال إصلاحات أدت إلى جمهورية ديمقراطية (انظر Heribert Adam and Kogila Moodley، 1993) حيث يمكن للسود والأقليات الأخرى المشاركة على قدم المساواة. أدى هذا التغيير في القلب من دي كليرك إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين مثل نيلسون مانديلا ووالتر سيسولو ، بالإضافة إلى إضفاء الشرعية على المؤتمر الوطني الأفريقي. كما مهدت في وقت لاحق الطريق لانتخابات ديمقراطية في جنوب أفريقيا في عام 1994 ، والتي فاز بها المؤتمر الوطني الأفريقي تحت قيادة نيلسون مانديلا.

الحالة الثانية: نيجيريا
يعود تاريخ العرق والصراعات العرقية في نيجيريا أيضًا إلى التجاوزات الاستعمارية التي أجبرت المجموعات العرقية في المقاطعات الشمالية والجنوبية على أن تصبح كيانًا يسمى نيجيريا في عام 1914. نظرًا لأنه لم يتم التشاور مع مختلف المجموعات العرقية التي تعيش في هذه المقاطعات فيما يتعلق الاندماج ، كانت هذه السياسة الاستعمارية البريطانية استبدادية وغير ديمقراطية ، وبالتالي أدت إلى الصراع. وقد حرمت من احتياجات الناس الأساسية من المشاركة والمساواة والرفاه الاجتماعي.

إن الإدارة التي تؤيد الفصل من أجل شعبها لا تملك وحدة البلد في صميمها. بدلاً من ذلك ، تم تصميم الحكومات المنفصلة التي تم إدخالها في الشمال والجنوب لتعزيز القبضة الاستعمارية على المجتمع النيجيري وإضعاف إمكانات الناس للمقاومة. هذه الحقبة من التنمية الإقليمية ، على الرغم من سلامتها نسبيًا ، أدت أيضًا إلى تزايد التمركز العرقي.

لم يكن إدخال “القاعدة غير المباشرة” في نيجيريا من قبل اللورد فريدريك لوغارد ، المدير الإداري ، الآلية المناسبة لإدارة العداوات القبلية في المستعمرة. لم يعزز النظام الانقسامات العرقية فقط ، “لقد عقد مهمة لحام عناصر متنوعة في دولة نيجيرية” (كولمان ، 1958: 194 كما ورد في نولي ، أوكوديبا 1980: 113). لقد أبعدت استراتيجية الحكم هذه الجماعات العرقية عن بعضها البعض. أعطى لوغارد السلطة للحكام التقليديين الذين استخدموها بشكل فاسد في القرى لجمع الثروة والأرض وإنشاء شبكات المحسوبية ، والتي شجعت على المدى الطويل القبلية والمحسوبية.

التقليدون والمسيحيون والمسلمون والرهبان

التقليدون والمسيحيون والمسلمون والرهبان

كشخص صاحب دين تقليدي افريقي ، أسمع كثيرًا من السود يقولون أنه لا يمكنك أن تكون أفريقيًا ولا تؤمن بالله ، كما أن الدين ليس مشكلة.

إن ما يؤمن به معظم الأفارقة في الآلهة الآن ، أليس هو الإله الغريب (الله / الرب) الاله مضطهدينا. وما يسمى بالكتب المقدسة (الكتاب المقدس / القرآن) الاله مضطهدينا ، ألا تنكر هذه الكتب و سمي تقاليدنا وعاداتنا وأجدادنا ب”الشر”؟

أيها الأفارقة المسيحيون والمسلمون ، انتم تسمون الالهتنا وترونهاى اولوران ، اساوسوس ياه ، انلونكولنوكو كشر.

سيجادل الأفارقة المسيحيون في أن يسوع حقيقي عاش في إفريقيا ، وهذا صحيح جزئيًا لأنه نسخة من حورس إله أفريقي.
اذهب إلى كل كنيسة سوداء وأخبرني عن لون قصة يسوع الخيالية وأخبرني الآن عن لون حورس.

آمين / أمين الذي يقول المسيحي والمسلم في نهاية كل صلاة هو إله أفريقي يسمى أمين رع أو آمون رع.

الشعوب السوداء هي أول بشر على وجه الأرض كنا هنا منذ أكثر من 500 ألف سنة قبل تطور إنسان نياندرتال ، ليس لدينا نياندرتال DNA ، نحن البشر الوحيدون الذين لديهم DNA بشري نقي. لم نأتي من أي آدم وحواء.

بنينا كيميت والنوبة اللتين كانتا أول حضارة في العالم. يمكن إرجاع جميع لغات العالم إلى إفريقيا منذ حوالي 70 ألف سنة.

كل يوم سيقول المتدينون في أفريقيا لأن أسلافنا كانوا يعبدون اولوران و اساوسوس ياه و انكولنكولو وما إلى ذلك. كانوا يجلبون اللعنات علينا وبالتالي معاناتنا.

وفي الوقت نفسه ، فإن معاناتنا ناتجة عن النهب المستمر للموارد الأفريقية لصالح الدول الأجنبية والذي يتم فيما يتعلق بزعمائنا ، لأنه في أذهان معظم المتدينين الإبراهيميين الأفارقة ، نحن فقط نمر عبر هذا العالم ، لذا نحتاج إلى الخطة ، هم يركزون فقط على الجنة الخيالية وجناح في الكتب المقدسة الخيالية المقدمة لهم من قبل مضطهديهم الذين أساءوا لأسلافهم وقتلوا إنسانيتهم.

لقد خلق البشر الآلهة لأنهم أرادوا شيئًا للعبادة ، لذلك نحن السود كان لدينا إلهنا وكذلك العرب والبيض. الآلهة هي خيال من خيالنا والله الإبراهيمي لا يختلف.

في هذا العصر الحديث ، ليس للآلهة (غير موجودون) دور في تنميتنا وتقدمنا ​​، نحن البشر الذين يجب أن نتولى المسؤولية وبناء قارتنا. وإذا كان على الأفارقة أن يعبدوا إلهًا ، فيجب أن يكون ذلك إلههم وليس مضطهدين لأن هذا هو أعلى شكل من أشكال متلازمة ستوكهولم.

أميلكار كابرال [Amílcar Lopes da Costa Cabral]‏، كان واحدًا من أبرز قادة إفريقيا الذين حاربوا ضد الاستعمار.

أميلكار كابرال (: Amílcar Lopes da Costa Cabral)‏، كان واحدًا من أبرز قادة إفريقيا الذين حاربوا ضد الاستعمار.

قاد كابرال الحركة القومية لغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر والحرب التي تلت ذلك الاستقلال في غينيا بيساو. وقد اغتيل في 20 يناير 1973، أي قبل ثمانية أشهر من إعلان غينيا – بيساو الاستقلال من طرف واحد. على الرغم من أنه ليس ماركسيًا، إلا أنه تأثر بعمق الماركسية، وأصبح مصدر إلهام للثوار الاشتراكيين وحركات الاستقلال الوطني في جميع أنحاء العالم.

ولد كابرال في 12 سبتمبر 1924 فيبافاتا، غينيا بيساو، لأبوين من الرأس الأخضر، جوفينال أنتونيو لوبيز دا كوستا كابرال وإيفا بينيل إيفورا، وكلاهما من سانتياغو، كاب فيردي. جاء والده من عائلة ثرية تملك الكثير من الأراضي. كانت والدته مالكة متجر وعاملة في الفنادق من أجل إعالة أسرتها، خاصة بعد انفصالها عن والد أميلكار بحلول عام 1929. ولم تكن أسرتها في حالة جيدة، لذلك لم تتمكن من متابعة التعليم العالي.

تلقى أميلكار تعليمه في (المدرسة الإيطالية) (مدرسة ثانوية) Gil Eanes في مدينة منديلو، الرأس الأخضر، ثم في المعهد العالي للزراعة، في لشبونة (عاصمة البرتغال، التي كانت آنذاك السلطة الاستعمارية الحاكمة على غينيا بيساو والرأس الأخضر. في حين أن أحد الطلاب في مجال الهندسة الزراعية في لشبونة، أسس حركات طلابية مكرسة لمعارضة ديكتاتورية الحكم في البرتغال وتعزيز قضية الاستقلال للمستعمرات البرتغالية في أفريقيا.

عاد إلى أفريقيا في الخمسينات من القرن الماضي، وكان له دور أساسي في تعزيز أسباب الاستقلال للمستعمرات البرتغالية آنذاك. (في 1956) كان مؤسس PAIGC أو Partido Africano da Independência da Guiné e Cabo Verde (البرتغالية لـ “الحزب الإفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر”) وأحد مؤسسي الحركة الشعبية لتحرير أنغولا (MPLA) (في وقت لاحق من نفس العام)، جنبا إلى جنب مع أغوستينيو نيتو، الذين التقى بهم في البرتغال، وغيرهم من الوطنيين الأنغوليين وهو شقيق لويس كابرال

اعتقال فيليسيان كابوغا المشتبه به في الإبادة الجماعية في رواندا في فرنسا

: اعتقال فيليسيان كابوغا المشتبه به في الإبادة الجماعية في رواندا في فرنسا


16 مايو 2020


عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار على المعلومات التي أدت إلى اعتقال فيليسيان كابوجا
أعلنت وزارة العدل الفرنسية أن فيليسيان كابوغا ، أحد المطلوبين المشتبه بارتكابهم جريمة الإبادة الجماعية في رواندا ، اعتقل بالقرب من باريس.
واحتُجز السيد كابوغا في غارة فجر في أسنيير سور سين ، حيث كان يعيش تحت هوية مزورة.
اتهمت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا البالغ من العمر 84 عاما بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
ويُزعم أنه كان الممول الرئيسي للمتطرفين الهوتو الذين ذبحوا 800000 شخص في عام 1994.
كانوا يستهدفون أعضاء أقلية التوتسي ، وكذلك خصومهم السياسيين.
كانت الولايات المتحدة قد عرضت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار (4.1 مليون جنيه إسترليني) مقابل معلومات أدت إلى اعتقال السيد كابوجا.
عرض الخط الرمادي
من هو فليسيان كابوغا؟
بقلم ويل روس ، محرر أفريقيا ، BBC World Service
رجل الأعمال من جماعة الهوتو العرقية متهم بأنه أحد الممولين الرئيسيين للإبادة الجماعية في رواندا ، ودفع ثمن الميليشيات التي ارتكبت المذابح.
كما قام بتأسيس وتمويل إذاعة راديو تيليفيجن ليبر ديس ميل كولينز (RTLM) ، وهي مذيعة رواندية شجعت الناس بنشاط على البحث عن وقتل أي شخص ينتمي إلى مجموعة التوتسي العرقية.

شرح وسائل الإعلام لتقارير بي بي سي الإخبارية كيف ظهرت قصة الإبادة الجماعية
حقيقة أنه تم العثور عليه في ضواحي باريس يعيش تحت اسم زائف أمر مدهش.
لسنوات عديدة ، كان يعتقد أن فيليسيان كابوغا يعيش في كينيا ، حيث اتهم السياسيون الأقوياء بإحباط الجهود لإلقاء القبض عليه.
بعد أكثر من ربع قرن على الإبادة الجماعية ، سيقدم للمحاكمة في محكمة دولية.
عرض الخط الرمادي
كيف وجد؟
وقال مكتب المدعي العام الفرنسي والشرطة إن كابوجا كان يعيش تحت هوية مزورة في شقة بتواطؤ من أطفاله.
تم القبض عليه الساعة 05:30 (03:30 بتوقيت جرينتش) يوم السبت فيما وصفه المدعي العام للآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين في لاهاي – التي تنظر في قضايا جرائم الحرب المعلقة لرواندا ويوغوسلافيا السابقة – “عملية معقدة ومنسقة مع عمليات بحث متزامنة عبر عدد من المواقع”.
مبنى سكني في Asnières-sur-Seine حيث تم القبض على Félicien Kabuga من قبل رجال الدرك الفرنسيين (16 مايو 2020)
تعليق على الصورة
تم العثور على Félicien Kabuga مختبئًا في شقة في Asnières-sur-Seine
وقال سيرج براميرتز في بيان “اعتقال فليسيان كابوغا اليوم هو تذكرة بأنه يمكن محاسبة المسؤولين عن الإبادة الجماعية حتى بعد 26 عاما من جرائمهم”.
وأضاف “بالنسبة للعدالة الدولية ، يُظهر اعتقال كابوجا أنه يمكننا أن ننجح عندما نحصل على دعم المجتمع الدولي”.
وأعرب السيد براميرتز عن تقديره لفرنسا ، لكنه قال إن المساهمات الأساسية قدمت أيضا من رواندا وبلجيكا والمملكة المتحدة وألمانيا وهولندا والنمسا ولوكسمبورغ وسويسرا والولايات المتحدة ويوروبول والإنتربول.
100 يوم من الذبح في رواندا
الساحرة التي تحمي قرية من الإبادة الجماعية
بعد الانتهاء من الإجراءات المناسبة بموجب القانون الفرنسي ، من المتوقع نقل السيد كابوغا إلى حجز IRMCT ، حيث سيحاكم.
وقد وجهت اتهامات للسيد كابوغا في عام 1997 بسبع تهم تتعلق بالإبادة الجماعية ، والتواطؤ في الإبادة الجماعية ، والتحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ، ومحاولة ارتكاب الإبادة الجماعية ، والتآمر لارتكاب الإبادة الجماعية ، والاضطهاد والإبادة.
وقالت رئيسة جمعية أرامل الإبادة الجماعية في رواندا ، فاليري موكابايير ، إن كل ناجية سعيدة لأنها اعتقلت.
هناك الآن شخصان مخصصان للمحاكمة من قبل المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ، وهما لا يزالان طليقين – بروتايس مبيرانيا وأوغسطين بيزيمانا.
كيف تكشفت الإبادة الجماعية؟
في 6 أبريل 1994 ، تم إسقاط طائرة تقل الرئيس آنذاك جوفينال هابياريمانا – وهو من الهوتو – مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها. ألقى متطرفو الهوتو باللوم على جماعة التوتسي المتمردة ، الجبهة الوطنية الرواندية (RPF) – وهو اتهام نفته.
في حملة ذبح منظمة بشكل جيد ، أعطيت المليشيات قوائم ضرب ضحايا التوتسي. قُتل الكثير منهم بالمناجل في أعمال وحشية مروعة.
صور الضحايا في النصب التذكاري للإبادة الجماعية في كيغالي
تعليق على الصورة
يتم عرض صور لبعض الضحايا في نصب الإبادة الجماعية في كيغالي
واحدة من الميليشيات كانت جناح الشباب في الحزب الحاكم ، الإنتراهاموي ، التي أقامت حواجز طرق للعثور على التوتسي ، وحرضت على الكراهية عبر البث الإذاعي وأجرت عمليات تفتيش من منزل إلى منزل.
لم يتم فعل الكثير على الصعيد الدولي لوقف عمليات القتل. كان للأمم المتحدة قوات في رواندا ولكن لم يتم تفويض البعثة للعمل ، وبالتالي انسحب معظم قوات حفظ السلام.
بدأت الجبهة الوطنية الرواندية ، بدعم من أوغندا ، في كسب الأرض وسارت في كيغالي. وفر نحو مليوني من الهوتو ، معظمهم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
تم اتهام الجبهة الوطنية الرواندية بقتل الآلاف من الهوتو أثناء توليها السلطة ، على الرغم من أنها نفت ذلك.
وأدين عشرات من الهوتو لدورهم في عمليات القتل على يد المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ، وواجه مئات الآلاف المحاكمة في محاكم مجتمعية في رواندا.

واحد من مفكري مدرسة البان افريكانيزم “ولتر رودني”

ينتمي رودني إلى تيار الجامعة الأفريقية Pan Africanism، وهو من الجماعات المنحدرة من أصول أفريقية والتي عاشت في دول الكاريبي، وولد في جمهورية جويانا التعاونية لأسرة من الطبقة الفقيرة. كان والده ينتمي إلى الطبقة الحرفية المستقلة، ويجيد العديد من اللغات، فضلاً عن كونه عضواً في الحركة الوطنية في جويانا،

وجعل من منزله مقراً لعمل الحزب الشعبي التقدمي، وقد أسهم ذلك في تشكيل رودني مبكراً، وإدراكه للكثير من الحقائق السياسية والاجتماعية عن واقع الجماعة السوداء على مستوى العالم. ولد في 23 مارس 1942 وظهرت قدراته الذهنية خلال سنوات دراسته الأولىً، فولع بدراسة اللغات الأجنبية، وشغف بمتابعة الأحداث السياسية. وأدى تفوقه الدراسي إلى حصوله عام 1960 على منحة دراسية للدراسة في جامعة غرب الإنديز West Indies University في جاميكا، حيث تخصص في التاريخ متأثراً بسمات المرحلة التاريخية التي عاصرها والتي تزامنت مع انتشار حركات التحرير الأفريقية في الكاريبي وفي داخل القارة، وكان الاستعمار والتمييز الذي عانى منه السود في الشتات من الدوافع الهامة التي دفعته لهذا التخصص.

أولى اهتماماً خاصاً بدراسة مرحلة تجارة الرقيق بين أفريقيا وأوروبا والعالم الجديد، لما لهذه المرحلة من آثار بالغة على تاريخ وحاضر ومستقبل القارة الأفريقية، وحصل على الدكتوراه عام 1966 من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن School Of Oriental and African Studies ، وكانت رسالته للدكتوراه بعنوان “تاريخ ساحل غينيا الأعلى 1545-1800.

عمل في حقل التدريس في عدة جامعات مثل جامعة دار السلام في تنزانيا، وجامعة غرب الإنديز وأخير جامعة جويانا بقسم التاريخ، وأدت معارضته لنظام الحكم وطبيعته الثورية إلي قيام الحكومة الجويانية بممارسة الضغوط على إدارة الجامعة لكى تلغى اختيارها له.

وسعى رودني إلى تحويل فكره النظرى إلى واقع عملى، فانضم إلى تنظيم عمالى حديث التكوين هو “ائتلاف الشعب العامل”، ألقى القبض عليه فى عام 1979 نتيجة لأنشطته المناهضة للحكومة، وأغتيل بتفجير جهاز الاتصال الخاص به فى الثالث عشر من يونيو عام1980 قبل محاكمته.

عاصر رودني مرحلة تاريخية شهدت العديد من التغيرات والأحداث والمشكلات، والتي أثرت على النظم السياسية والاقتصادية على مستوى العالم، وكذلك على القضايا الفكرية التى أصبحت محل اهتمام مفكرى المرحلة، من بينها نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الصراع الأيديولوجى، ونهاية الاستعمار التقليدى، و تغير طبيعة العلاقة بين الشمال والجنوب. كذلك تأثر بالتغيرات التي شهدها الواقع الأفريقي مثل حركات التحرير فى أفريقيا التي كانت تسعى لنيل الاستقلال وكذلك تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، كما عاصر مشكلات القارة في الفترة التالية للاستقلال وقدم رؤاه وتصوراته لحل هذه المشكلات.

ثانياً القضايا الفكرية:

دور الغرب فى تخلف أفريقيا:
اهتم رودنى بدراسة آثار المرحلة الاستعمارية على قضية التنمية فى أفريقيا، وأثر الخبرات التاريخية على تخلف القارة الأفريقية، ويرى أن أفريقيا قبل وصول الاستعمار قد عرفت المسئولية الجماعية، وشهدت تطوراً فى أدوات ممارسة الأنشطة الاقتصادية، وعرفت هذه المجتمعات كيفية استخراج المعادن والصهر وصناعة الأدوات التى تحتاجها الجماعات فى ممارسة الأنشطة الاقتصادية، وعرفت التخصص وتقسيم العمل من خلال ما سُمى بـ” نظام الطوائف”.

يرى رودنى أن درجة التطور والتنمية التى عرفتها أفريقيا قبل الاستعمار كانت عاملاً هاماً فى تنمية الرأسمالية فى المجتمعات الغربية، وأنه بقدر ما أسهمت أفريقيا فى تطور وتنمية الغرب، لعب الغرب دوراً كبيراً فى تخلف القارة الأفريقية، فتجارة الرقيق أسهمت في ظهور وتطور العديد من الصناعات مثل صناعة السفن، والشحن، وفى تطور الملاحة البحرية وتكنولوجياتها، كما أدت إلى بروز مدن بعينها فى مجال الصناعة شكلت لاحقاً أساس الثورة الصناعية فى أوروبا، كما كانت أفريقيا مصدراً أساسياً للذهب الذى كان يشكل عملة التداول آنذاك، وسبب القوة الاقتصادية الآن، وكان لهذه العلاقة الأثر السلبى على أفريقي من خلال “الركود التقنى وتشويه الاقتصاد الأفريقي”.

رفض رودني اعتبار الرأسمالية هي أعلى مراحل التنمية، وناقش أثر الاستعمار على الوضع التنموى فى القارة، ويرى أن تعبير التنمية الذى استُخدم من قبل السلطات الاستعمارية هو تعبير مختزل لتكريس الاستغلال الاستعمارى لموارد القارة لصالح تنمية الغرب، ويرى أن الاستعمار قام بتوظيف خصائص المجتمع الأفريقي لتكريس سلطته للقضاء على التنمية في القارة، بتكريس مفاهيم القبلية والإثنية والاختلافات الدينية والاجتماعية لتأجيج الصراعات.

أكد رودني أن الرأسمالية العالمية من مصلحتها أن تستمر حالة التخلف فى القارة، وأن السوق الذى نشأ على أساس الرق والاستعمار لن يسمح بتحقيق التنمية فى أفريقيا.

يرى رودني أن أدوات تحقيق التنمية في أفريقيا تتمثل في الاستفادة من الدروس التاريخية، والثورة والعنف كأدوات تغيير وتنمية، والتعليم كأداة للتنمية، والتنمية الذاتية واستخدام الموارد الأفريقية، وتصبح الاشتراكية مرجعية أيديولوجية تنموية لهذه الدول.

ثانياً: الاستعمار الجديد وأشكاله:

يرى رودنى أن القارة انتقلت من الاستعمار التقليدي إلى الاستعمار الجديد، القائم على الاستقلال الشكلي للدول الأفريقية، بينما القوى الخارجية هي التي تسيطر على الحياة السياسية والاقتصادية، عن طريق استبدال الفئة الحاكمة الاستعمارية بفئة تنتمى إثنياً للقارة، ولكنها تخدم مصالح غربية، فهذه الفئة متشبعة بالقيم الرأسمالية وهى البرجوازية الصغيرة”، حيث تتركز السلطة في يد هذه الفئة، التي تعمل على تغييب المشاركة السياسية، وتعمل على تأجيج الإثنيات، والحط من قيمة الثقافة الوطنية، والتشويه المقصود للمفاهيم الثورية فى المجتمع، وعرقلة محاولات تحقيق التنمية، وأرجع رودني العديد من المشاكل المعاصرة للقارة مثل الكوارث، والتأخر التكنولوجى والكوارث الغذائية وتخلف الهياكل الانتاجية، إلى الاستعمار الجديد.

يرى رودنى أن أسباب انتشار الاستعمار الجديد فى أفريقيا بعد الاستقلال يكمن في غياب النماذج التاريخية، والتكوين الطبقى والفئات الحاكمة التى نتجت من الفترة الاستعمارية، والحقوق والامتيازات التي حصل عليها الغرب بموجب معاهدات واتفاقيات الاستقلال.

يرى رودني أن أدوات مواجهة الاستعمار الجديد في المجال السياسي هي مؤسسية الحركة الجماهيرية، والوحدة السياسي، وفي المجال الاقتصادي تشكل الاشتراكية، وتنوع مجالات التنمية، ورفض المعونات والاستثمارت الأجنبية الأدوات اللازمة لمواجهة هذا النمط من الاستعمار، وفي المجال الاجتماعي يعد تقدم التعليم، ودور المثقفين، والقوة السوداء، والوعى بالتاريخ، والنضج الطبقى أهم أدوات المواجهة.

ثالثاً: أثر علاقة أفريقيا بالغرب على التقسيم الطبقى والتكوين الإثنى:

اهتم رودني بدراسة موقع الجماعة السوداء فى الهيكل الاجتماعى للمجتمعات الأفريقية والكاريبية، وعلاقتة بالتكوين اللونى والإثنى بهذا الهيكل، وحاول تحليل إمكانية الحراك الاجتماعى فى هذه المجتمعات والوحدة بين أعضاء الطبقة العاملة لتكوين طبقة عاملة على درجة من الوعى تستطيع قيادة الصراع الاجتماعى الذى يكون مسئولاً عن التطور الاجتماعى والطبقى فى هذه المجتمعات، فقام بتقسيم المجتمع إلى ثلاث طبقات كما يلي:

الطبقة العليا: هى الطبقة المهيمنة على الحكم، وهي تمثل وفقاً لرودني المجموعة التى ورثت السلطة بعد نهاية الفترة الاستعمارية، وهي الفئة تعلى من القيم الغربية، وتتبع الرأسمالية، ويرى رودني أن هذه الفئة “سود البشرة ذو قلوب بيضاء”، ويرى أن أغلب هذه النظم فاقدة للشرعية السياسية.

الطبقة الوسطى: لم يُبد رودنى اهتماماً بدراسة الطبقة الوسطى يعادل اهتمامه بالطبقتين العليا والدنيا، ويمكن تفسير ذلك فى ضوء التوجه الاشتراكى الذى يتبناه، وكذلك لتأثره بطبيعة المجتمعات التى عاش فيها والتى عادة ما انقسمت إلى طبقتين، وقد أطلق على هذه الفئة ومن نتج عنها “المهاجرين” Immigrants وأحياناً الخلاسيين أو المخلطين Mullattos وذلك تمييزاً لها عن السود ومن انحدر منهم”الكريول” Creole، وهى فئات لا تقبل أن تصنف كسود، ولا تصل لدرجة الرفاهية التى تتمتع بها الفئات البيضاء.

الطبقة الدنيا وأساسها الإثنى: من أكثر الطبقات التى اهتم رودنى بدراستها وتحليل الأسس الإثنية التى تقوم عليها، ويرى أنها الطبقة التى جاء تكوينها فى فترة تجارة الرقيق فى الكاريبي، ومن العمال الذين أتوا بعقود للعمل بعد نهاية فترة الرق، وهى الطبقة التى لاقت أسوأ الخبرات العنصرية فى أفريقيا وخارجها. وفي الكتابات الأولى لرودني كانت الطبقة الدنيا هي الطبقة العمالية ذات الأصول الأفريقية الخالصة، مؤكداً على أن الانتماء اللوني هو الأساس في التقسيم الطبقي، محيداً عناصر النشاط الاقتصادي والدين واللغة والثقافة والموطن. حاول رودني في المراحل المتقدمة من كتاباته أن يصل إلى الوحدة الطبقية بين العمال مستخدماً نفس الأدوات التي استخدمها الغرب للتأثير على وحدة هذه الطبقة وهي الانقسامات اللونية والاثنية، وبدأ في طرح أفكاراً عن الانتحار الطقبي للجماعات الملونة Class Suicide التي تعاني سوء الأحوال الاقتصادية، ولعل هذا التغيير يعود إلى تراجع الاستعمار بشكله التقليدى، والحاجة لطبقة موحدة تقود حركة الصراع الطبقى لتطوير المجتمعات، فضلاً عن تعرض الملونين لذات الخبرات العنصرية وسوء الحالة الاقتصادية.

توصل رودني من خلال دراسته للطبقات إلى افتقار الطبقات الاجتماعية في أفريقيا ودول الكاريبي لـ”الوعى الطبقى”، وإدراك أهمية تشكيل طبقة واحدة، وأن االاستعمار أدى إلى خلق وضع طبقى مشوه أدى إلى العديد من الآثار السلبية، من أهمها علاقة الهيمنة المحلية والاشتراكية الزائفة، وإجهاض تكوين الطبقات الوطنية لمنع الثورة الاجتماعية، والوقوف أمام الحراك الاجتماعى والمشاركة السياسية، وأن الهيمنة والسيطرة المحلية هى انعكاس للهيمنة العالمية.

ثالثاً الحلول التي طرحها رودني

أولاً: الوحدة السياسية بين الدول الأفريقية:

أولى رودني أهمية خاصة للوحدة السياسية من منطلق أنها تقدم حلولاً للعديد من التحديات التي تواجه القارة، مثل مشاكل الحدود السياسية، كما أنها أداة لمواجهة الاستعمار الجديد، وتسهم فى مواجهة العنصرية البيضاء، وهى كذلك أداة لتحقيق التنمية والدعم المتبادل بين الدول الأفريقية، وستشكل الهيكل المؤسسى للثورة السوداء، وكذلك مؤسسية القوة السوداء العالمية، وستسهم فى إعادة هيكلة العلاقات بين الجماعات فى القارة.

يرى رودني أن الجامعة الأفريقية هي السبيل لتحقيق الوحدة السياسية، فهى اتجاه لتوحيد السود فى الصراع من أجل التحرير والاستقلال، وقدم رؤية يكون فيها هيكل الجامعة الأفريقية هو البداية الفكرية لوحدة سياسية فى القارة الأفريقية بعد الاستقلال، ويرتكز جوهر هذه الوحدة على الإحساس والوعى المشترك وهو لونى بالأساس، وهى بالأساس حركة شعبية وليست سياسات فوقية من الطبقات الحاكمة، وهو يعول على طبقات العمال والفلاحين للقيام بهذه الحركة الشعبية الوحدوية.

ثانياً: أيديولوجية القوة السوداء:

يرى رودني أن القوة السوداء هى بناء فكرى تغييرى لواقع اجتماعى معين وجديد، ويرى أنها رد فعل “للقوة البيضاء” وممارساتها العنصرية، وهي ضرورية للوصول إلى التوازن بين الأسود والأبيض.

يعرف رودني “القوة السوداء” بأنها “حركة وأيديولوجية تنشأ عن حالة القهر التى تعرض لها السود، فهى بمثابة عقيدة للشعب الأسود، وهى عن الشعب الأسود، ويبُشر بها بواسطة الشعب الأسود، فهو يرى أن أن لون البشرة السوداء هي أهم سمات الأفارقة، أي أن القوة السوداء في فكر رودني هي اعتراض على حالة اليأس وسياسة عدم فعل شىء، وتسعى إلى منع استرار استغلال الإنسان الأبيض للإنسان الأسود، وتأمل هذه الحركة فى الوصول للقوة على المستوى العالمى فى المستقبل.

يتمثل الشق المعنوى/الفكرى لأيديولوجية القوة السوداء عند رودنى فى رفض أفكار دونية السود التى روجت لها القوة البيضاء، وأن القوة السوداء عليها أن تتعامل مع النواحى الفكرية والثقافية للمجتمع لتعديل الوعى الثقافى للأجيال الحديثة، وتكريس رموز وأسباب الرق والاستعمار والعنصرية لتصبح أسباب التماسك والقوة.

ويتثل الشق الحركى أو الجانب العملى من أيديولوجية القوة السوداء فى محاولة رودنى دفع السود لمراجعة العديد من جوانب حياتهم، والتى ستثبت أفضلية وسمو النماذج السوداء، وأنها ستكون هى الأجدر أن تتُبع، وأن هذه الجماهير ستقبل على ترك كل ما هو أبيض لصالح الأسود فى العديد من القيم والمجالات العملية.

ثالثاًً: إعادة كتابة التاريخ الأفريقى:

استخدم رودنى المنظور التاريخى فى الكتابات والرؤى التى قدمها، وناقش العديد من مشاكل القارة كالتنمية والاستعمار والاستعمار الجديد من منظور تاريخى، وفى سياق تطور العلاقات التاريخية لأفريقيا مع الرأسمالية العالمية. ورفض النسخة الغربية من تاريخ الإنسان الأسود ودعى إلى ضرورة إعادة النظر فى النماذج التى قدمها الغرب.

أكد على أن التاريخ يجب أن يشكل المرجعية التى تقوم عليها دراسات الوضع الأفريقي، كما أكد أن أفريقيا لن تكون قادرة على تحقيق التنمية دون إدراك السود لتاريخهم، ودعا إلى ضرورة إعادة كتابة التاريخ، وأهمية إعادة النظر فى بعض مراحل التاريخ الأفريقي حتى يسهل على الإنسان الأسود إدراك قيمة حضارته، والوعى بتطور علاقة القارة بالغرب، ودعا إلى ضرورة توظيف التاريخ كآداة كفاحية يمكن من خلالها إحداث التغيير الاجتماعى، فالتاريخ “يحلل كيف بدأت المشكلة، ومن خلاله يمكن إيجاد السبل والوسائل التى تسهل حل المشكلة على أرض الواقع”.

يؤمن رودنى بأن التغيير لن يحدث فى القارة تحت المظلة الرأسمالية التى استُخدمت فى السابق لاستعمار واستغلال القارة، ومن خلال التاريخ سيدرك الأفارقة أن التغيير الذى سيحدث لابد أن يكون من خلال ثورة وعنف اجتماعى، حتى يستطيع الأسود أن يقوم بثورة وتغيير راديكالى فى مجتمعه يجب أن يكون قد تحرر نفسياً وفكرياً واقتصادياً.

بعض الحقائق المثيرة للاهتمام حول أفريقيا

بعض الحقائق المثيرة للاهتمام حول أفريقيا

١-تبلغ عدد سكان أفريقيا 1.3 مليار نسمة

٢-غينيا الاستوائية هي الدولة الوحيدة في أفريقيا المتكلمة بالغة الإسبانية

٣-جنوب أفريقيا هي دولة الأكثر زيارة في افريقيا

٤-نيجيريا لديها أغنى السود في أفريقيا

٥- كان صامويل إيتو في السابق لاعب كرة القدم الأعلى أجراً في العالم ، حيث حصل على حوالي 350.000 جنيه إسترليني أسبوعيًا في روسيا عام 2011.

٦-جنسية الشخص من بوتسوانا يسمي موتسوانا ، الجمع هو باتسوانا

٧-شخص من ليسوتو يسمى أ
موسوتو

٨-شخص من النيجر يسمى أ
النيجيري

٩-شخص من بوركينا فاسو يسمى أ
بوركينا فاسو

١٠- فازت نيجيريا بكؤوس كرة القدم
أكثر من إنجلترا

١٢-كان رئيس زيمبابوي السابق روبرت غابرييل موغابي الرئيس الأكثر تعليما في العالم حيث حصل على 7 درجات جامعية ، اثنتان منهم ماجستير.

١٣-الاهلي المصري أغنى نادٍ لكرة القدم في إفريقيا.

١٤-ديدييه دروجبا هو هداف تشيلسي في المنافسة الأوروبية.

١٥-جوهانسبرغ ، جنوب أفريقيا ، هي المدينة الأكثر زيارة في أفريقيا.

١٦-اراد زين الدين زيدان اللعب في الجزائر ، لكن المختار رفضه ، قائلاً إنهم بالفعل العديد من اللاعبين مثله في الفريق.

١٧- اعطي الرئيس جاكوب زوما رسالة خاصة من قبل الفيفا تيمنا لتحكيمه لمباريات كرة القدم داخل جزيرة روبن
خلال سنواته كسجين سياسي.

– ١٨- حُكم على الرئيس روبرت موغابي لمدة 11 عاماً بسبب نضاله من أجل الحرية.

– ١٩-الرئيس روبرت موغابي هو أقدم رئيس دولة في أفريقيا وثاني أقدم رئيس دولة في العالم. ولد عام 1924.

٢٠-الزيمبابويون هم أكثر الأفارقة تعليما ، ومحو الأمية (البالغون 91.2 في المائة والشباب 99 في المائة).

٢١-رواندا بلد أفضل للمساواة بين الجنسين من إنجلترا والولايات المتحدة.

٢٢- حصلت الصومال على أول جهاز صراف آلي في 7 أكتوبر 2014.

٢٣- حازت جنوب أفريقيا على جائزة جرامي
الفائزين في أفريقيا.

٢٤- يوجد في إثيوبيا أكبر عدد من المطارات في أفريقيا.

٢٥- ينمو اقتصاد إثيوبيا بوتيرة أسرع من اقتصاد الصين.

٢٦- رئيس إريتريا ، أسياس أفورقي ، هو أغنى رئيس في أفريقيا.

٢٦- اثيوبيا هي أقدم دولة مستقلة في أفريقيا ، وهي موجودة منذ أكثر من 3000 سنة دون استعمار.

٢٧- كان هيل سيلاسي 1 الإمبراطور 225 والأخير لإثيوبيا.

٢٨- يوجد في نيجيريا أكبر عدد من الملوك في العالم.

٢٩- يوجد في أنغولا عدد أكبر من الناطقين بالبرتغالية مقارنة بالبرتغال.

٣٠- يحكم الرئيس خوسيه إدواردو دوس سانتوس أنغولا منذ عام 1979.

٣١- الرئيس تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو هو أطول رئيس دولة أفريقي خدمة. وقد حكم غينيا الاستوائية منذ 3 أغسطس 1979 عندما أطاح بعمه فرانسيسكو نجويما. نجله ، تيودورو نغيما أوبيانغ مانغي هو نائبه ، وسيخلفه إذا استقال. بدأ حكم دوس سانتو

٣٢- جورج ويا من ليبيريا هو أول لاعب يفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم وأوروبا وأفريقيا في نفس العام.

٣٣- سوازيلند هي الوحيدة فيها الملكية المطلقة المتبقية في العالم.

٣٤- غامبيا هي أصغر بلد في أفريقيا تليها سوازيلند.

– ٣٥- استغرق الملك سوبوزا ملك سوازيلاند أطول فترة في حكم سوازيلند ، 62 سنة عندما توج في عام 1921 وتوفي في آب / أغسطس 1982 عند 83 سنة.

٣٦- تزوج ملك سوبوزا الثاني ملك سوازيلاند 70زوجته ، التي أعطته 210 طفلًا بين عامي 1920 و 1970.

٣٧- زمبابوي هي البلد الوحيد في العالم
حيث كان الجميع تقريبًا مليارديرًا في مرحلة ما بسبب التضخم المفرط.

٣٨- يوجد في كينيا أعلى أعضاء البرلمان أجراً. إنهم يدفعون أكثر من أولئك حتى في البلدان الغنية بالنفط.

٣٩- تمتلك بوتسوانا أغلى ماسات الماس في العالم ، لكنها من أكثر البلدان فقراً في أفريقيا.

٤٠- كانت غانا أول بلد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يحصل على الاستقلال بعد الاستعمار.

٤١- صنفت غانا مؤشر السلام كأكبر بلد في أفريقيا سلمية حسب مؤشر السلام العالمي. بحيرة فولتا ، في منطقة فولتا في البلاد ، هي أكبر بحيرة من صنع الإنسان في العالم.

٤٢- اوغندا. هناك مجموعة واسعة من المجموعات العرقية في أوغندا مع العديد من اللغات المختلفة التي يتم التحدث بها ، وهي لوغاندا (الأكثر شيوعًا) ، والإنجليزية (يتحدث جزء صغير منها فقط) ، والبانتو ، والسواحيلية ، والنيلية ، واللوماسابا. يشكل المسيحيون 85.2 ٪ من سكان أوغندا ، وهناك عدد معين من السيك والهندوس ، و 12 ٪ مسلمون.

٤٣- تنزانيا هي أكبر بلد في شرق أفريقيا وتضم جزر زنجبار وبيمبا والمافيا.

٤٤- تضم سكان تنزانيا حوالي 120 مجموعة قبلية أفريقية مختلفة

٤٥-ان جمهورية الكونغو الديمقراطية غنية للغاية بالموارد الطبيعية ولكنها تعاني من عدم الاستقرار السياسي ونقص البنية التحتية.

٤٦- في عام 2009 ، كان لدى جمهورية الكونغو الديمقراطية ما يقدر بنحو 24 تريليون دولار من الرواسب المعدنية غير المستغلة ، بما في ذلك أكبر احتياطيات من الكولتان وكميات كبيرة من احتياطيات الكوبالت في العالم.

٤٧- ملاوي موطن لثالث أكبر بحيرة في أفريقيا ، وهي بحيرة ملاوي.

٤٨- الشاي في ملاوي معروف في جميع أنحاء العالم. تستخدم العديد من العلامات التجارية للشاي ذات الشهرة العالمية مثل Twinings و PG Tips و Five Roses أوراق الشاي في ملاوي.

٤٩- تعتمد زامبيا على النحاس باعتباره أحد أكبر صادراتها.

٥٠- تتميز منتزه جنوب لوانغوا الوطني في زامبيا بواحدة من أعلى الكثافات السكانية في أفريقيا.

٥١- كينيا هي أول دولة أفريقية تنجب الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما

يرجى إضافة المزيد تفضلوا بقبول فائق الاحترام 🙌🏾

المصدر:رصد AFO

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ